عباس عجبت لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم في إهلاله فذكر الحديث وفيه فلما صلى في مسجد ذي الحليفة ركعتين أوجب من مجلسه فأهل بالحج حين فرغ منها فسمع منه قوم فحفظوه ثم ركب فلما استقلت به راحلته أهل وأدرك ذلك منه قوم لم يشهدوه في المرة الأولى فسمعوه حين ذاك فقالوا إنما أهل حين استقلت به راحلته ثم مضى فلما علا شرف البيداء أهل وأدرك ذلك قوم لم يشهدوه فنقل كل أحد ما سمع وإنما كان اهلاله في مصلاه وأيم الله ثم أهل ثانيا وثالثا وأخرجه الحاكم من وجه آخر من طريق عطاء عن بن عباس نحوه دون القصة فعلى هذا فكان إنكار بن عمر على من يخص الإهلال بالقيام على شرف البيداء وقد اتفق فقهاء الأمصار على جواز جميع ذلك وإنما الخلاف في الأفضل فائدة البيداء هذه فوق علمي ذي الحليفة لمن صعد من الوادي قاله أبو عبيد البكري وغيره .
( قوله باب ما لا يلبس المحرم من الثياب ) .
المراد بالمحرم من أحرم بحج أو عمرة أو قرن وحكى بن دقيق العيد أن بن عبد السلام كان يستشكل معرفة حقيقة الإحرام يعني على مذهب الشافعي ويرد على من يقول إنه النية لأن النية شرط في الحج الذي الإحرام ركنه وشرط الشيء غيره ويعترض على من يقول إنه التلبية بأنها ليست ركنا وكأنه يحوم على تعيين فعل تتعلق به النية في الابتداء انتهى والذي يظهر أنه مجموع الصفة الحاصلة من تجرد وتلبية ونحو ذلك وسيأتي في آخر باب التلبية ما يتعلق بشيء من هذا الغرض .
1468 - قوله ان رجلا قال يا رسول الله لم أقف على اسمه في شيء من الطرق وسيأتي في باب ما ينهى من الطيب للمحرم ومن طريق الليث عن نافع بلفظ ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام وعند النسائي من طريق عمر بن نافع عن أبيه ما نلبس من الثياب إذا أحرمنا وهو مشعر بأن السؤال عن ذلك كان قبل الإحرام وقد حكى الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري أن في رواية بن جريج والليث عن نافع أن ذلك كان في المسجد ولم أر ذلك في شيء من الطرق عنهما نعم أخرج البيهقي من طريق حماد بن زيد عن أيوب ومن طريق عبد الوهاب بن عطاء عن عبد الله بن عون كلاهما عن نافع عن بن عمر قال نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يخطب بذلك المكان وأشار نافع إلى مقدم المسجد فذكر الحديث وظهر أن ذلك كان بالمدينة ووقع في حديث بن عباس الآتي في أواخر الحج أنه صلى الله عليه وسلّم خطب بذلك في عرفات فيحمل على التعدد ويؤيده أن حديث بن عمر أجاب به السائل وحديث بن عباس ابتدأ به في الخطبة قوله ما يلبس المحرم من الثياب قال لا يلبس القمص الخ قال النووي قال العلماء هذا الجواب من بديع الكلام وجزله لأن ما لا يلبس منحصر فحصل التصريح به وأما الملبوس الجائز فغير منحصر فقال