ذاك وقد أخرج مسلم من طريق بكر بن عبد الله المزني قال كنت جالسا مع بن عباس فقال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلّم وخلفه أسامة فاستسقى فأتيناه بإناء من نبيذ فشرب وسقى فضله أسامة وقال أحسنتم كذا فاصنعوا قوله لولا أن تغلبوا بضم أوله على البناء للمجهول قال الداودي أي إنكم لا تتركوني أستقي ولا أحب أن أفعل بكم ما تكرهون فتغلبوا كذا قال وقال غيره معناه لولا أن تقع لكم الغلبة بأن يجب عليكم ذلك بسبب فعلي وقيل معناه لولا أن يغلبكم الولاة عليها حرصا على حيازة هذه المكرمة والذي يظهر أن معناه لولا أن تغلبكم الناس على هذا العمل إذا رأوني قد عملته لرغبتهم في الاقتداء بي فيغلبوكم بالمكاثرة لفعلت ويؤيد هذا ما أخرج مسلم من حديث جابر أتى النبي صلى الله عليه وسلّم بني عبد المطلب وهم يسقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن تغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم واستدل بهذا على أن سقاية الحاج خاصة ببني العباس وأما الرخصة في المبيت ففيها أقوال للعلماء هي أوجه للشافعية أصحها لا يختص بهم ولا بسقايتهم واستدل به الخطابي على أن أفعاله للوجوب وفيه نظر وقال بن بزيزة أراد بقوله لولا أن تغلبوا قصر السقاية عليهم وأن لا يشاركوا فيها واستدل به على أن الذي أرصد للمصالح العامة لا يحرم على النبي صلى الله عليه وسلّم ولا على آله تناوله لأن العباس أرصد سقاية زمزم لذلك وقد شرب منها النبي صلى الله عليه وسلّم قال بن المنير في الحاشية يحمل الأمر في مثل هذا على أنها مرصدة للنفع العام فتكون للغني في معنى الهدية وللفقير صدقة وفيه أنه لا يكره طلب السقي من الغير ولا رد ما يعرض على المرء من الإكرام إذا عارضته مصلحة أولى منه لأن رده لما عرض عليه العباس مما يؤتى به من نبيذ لمصلحة التواضع التي ظهرت من شربه مما يشرب منه الناس وفيه الترغيب في سقي الماء خصوصا ماء زمزم وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلّم وحرص أصحابه على الاقتداء به وكراهة التقذر والتكره للمأكولات والمشروبات قال بن المنير في الحاشية وفيه أن الأصل في الأشياء الطهارة لتناوله صلى الله عليه وسلّم من الشراب الذي غمست فيه الأيدي