( قوله باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة ) .
أورد فيه حديث عائشة طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلّم بيدي حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف الحديث ومطابقته للترجمة من جهة أنه صلى الله عليه وسلّم لما أفاض من مزدلفة لم تكن عائشة مسايرته وقد ثبت أنه استمر راكبا إلى أن رمى جمرة العقبة فدل ذلك على أن تطييبها له وقع بعد الرمي وأما الحلق قبل الإفاضة فلأنه صلى الله عليه وسلّم حلق رأسه بمنى لما رجع من الرمي وأخذه من حديث الباب من جهة التطيب فإنه لا يقع إلا بعد التحلل والتحلل الأول يقع بأمرين من ثلاثة الرمي والحلق والطواف فلولا أنه حلق بعد أن رمى لم يتطيب وفي هذا الحديث حجة لمن أجاز الطيب وغيره من محظورات الإحرام بعد التحلل الأول ومنعه مالك وروى عن عمر وبن عمر وغيرهما وقد تقدم الكلام على حديث الباب مستوفي في باب الطيب عند الإحرام وأحلت على هذا السياق هناك تنبيه قوله حين أحرم أي حين أراد الإحرام وقوله .
1667 - حين أحل أي لما وقع الإحلال وإنما كان كذلك لأن الطيب بعد وقوع الإحرام لا يجوز والطيب عند إرادة الحل لا يجوز لأن المحرم ممنوع من الطيب والله أعلم .
( قوله باب طواف الوداع ) .
قال النووي طواف الوداع واجب يلزم بتركه دم على الصحيح عندنا وهو قول أكثر العلماء وقال مالك وداود وبن المنذر هو سنة لا شيء في تركه انتهى والذي رأيته في الأوسط لابن المنذر أنه واجب للأمر به إلا أنه لا يجب بتركه شيء .
1668 - قوله أمر الناس كذا في رواية عبد الله بن طاوس عن أبيه على البناء لما لم يسم فاعله والمراد به النبي صلى الله عليه وسلّم وكذا قوله خفف وقد رواه سفيان أيضا عن سليمان الأحول عن طاوس فصرح فيه بالرفع ولفظه عن بن عباس قال كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت أخرجه مسلم هو والذي قبله عن سعيد بن منصور عن سفيان بالإسنادين فرقهما فكأن طاوسا حدث به على الوجهين ولهذا وقع في رواية كل من الراويين عنه ما لم يقع في رواية الآخر وفيه دليل على وجوب طواف الوداع للأمر المؤكد به وللتعبير في حق الحائض بالتخفيف كما تقدم والتخفيف لا يكون إلا من أمر مؤكد واستدل به على أن الطهارة شرط لصحة الطواف وسيأتي البحث فيه في الباب الذي بعده