يسعك لحجك وعمرتك وأما قوله لها هذه مكان عمرتك فمعناه العمرة المنفردة التي حصل لغيرها التحلل منها بمكة ثم أنشئوا الحج منفردا فعلى هذا فقد حصل لعائشة عمرتان وكذا قولها يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع بحج أي يرجعون بحج منفرد وعمرة منفردة وأما قوله في هذا الحديث فقضى الله حجها وعمرتها ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم فظاهره أن ذلك من قول عائشة وكذا أخرجه مسلم وبن ماجة من رواية عبدة بن سليمان ومسلم من طريق بن نمير والإسماعيلي من طريق علي بن مسهر وغيره لكن قد تقدم الحديث في الحيض من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة الخ فقال في آخره قال هشام ولم يكن في شيء من ذلك الخ فتبين أنه في رواية يحيى القطان ومن وافقه مدرج وكذا أخرجه أبو داود من طريق وهيب والحمادين عن هشام ووقع في الحديث موضع آخر مدرج وهو قوله قبل ذلك فقضى الله حجها وعمرتها فقد بين أحمد في روايته عن وكيع عن هشام أنه من قول عروة وبينه مسلم عن أبي كريب عن وكيع بيانا شافيا فإنه أخرجه عقب رواية عبدة عن هشام وقال فيه فساق الحديث بنحوه وقال في آخره قال عروة فقضى الله حجها وعمرتها قال هشام ولم يكن في ذلك هدي ولا صيام ولا صدقة وساقه الجوزقي من طريق مسلم بهذا الإسناد بتمامه بغير حوالة ورواه بن جريج عن هشام فلم يذكر الزيادة أخرجه أبو عوانة وكذا أخرجه الشيخان من طريق الزهري وأبي الأسود عن عروة بدون الزيادة قال بن بطال قوله فقضى الله حجها وعمرتها إلى آخر الحديث ليس من قول عائشة وإنما هو من كلام هشام بن عروة حدث به هكذا في العراق فوهم فيه فظهر بذلك أن لا دليل فيه لمن قال إن عائشة لم تكن قارنة حيث قال لو كانت قارنة لوجب عليها الهدي للقرآن وحمل قوله لها أرفضي عمرتك على ظاهره لكن طريق الجمع بين مختلف الأحاديث تقتضي ما قررناه وقد ثبت عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلّم ضحى عن نسائه بالبقر كما تقدم وروى مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلّم أهدى عنها فيحمل على أنه صلى الله عليه وسلّم أهدى عنها من غير أن يأمرها بذلك ولا أعلمها به قال القرطبي أشكل ظاهر هذا الحديث ولم يكن في ذلك هدي على جماعة حتى قال عياض لم تكن عائشة قارنة ولا متمتعة وإنما أحرمت بالحج ثم نوت فسخه إلى عمرة فمنعها من ذلك حيضها فرجعت إلى الحج فأكملته ثم أحرمت عمرة مبتدأة فلم يجب عليها هدي قال وكأن عياضا لم يسمع قولها كنت ممن أهل بعمرة ولا قوله صلى الله عليه وسلّم لها طوافك يسعك لحجك وعمرتك والجواب عن ذلك أن هذا الكلام مدرج من قول هشام كأنه نفى ذلك بحسب علمه ولا يلزم من ذلك نفيه في نفس الأمر ويحتمل أن يكون قوله لم يكن في ذلك هدي أي لم تتكلف له بل قام به عنها انتهى وقال بن خزيمة معنى قوله لم يكن في شيء من ذلك هدي أي في تركها لعمل العمرة الأولى وإدراجها لها في الحج ولا في عمرتها التي اعتمرتها من التنعيم أيضا وهذا تأويل حسن والله أعلم