( قوله باب لا يحل القتال بمكة ) .
هكذا ترجم بلفظ القتال وهو الواقع في حديث الباب ووقع عند مسلم في رواية كذلك وفي أخرى بلفظ القتل بدل القتال وللعلماء في كل منهما اختلاف سنذكره قوله وقال أبو شريح الخ تقدم موصولا قبل باب ووجه الاستدلال به لتحريم القتال من جهة أن القتال يفضى إلى القتل فقد ورد تحريم سفك الدم بها بلفظ النكرة في سياق النفي فيعم .
1737 - قوله عن مجاهد عن طاوس كذا رواه منصور موصولا وخالفه الأعمش فرواه عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلّم مرسلا أخرجه سعيد بن منصور عن أبي معاوية عنه أخرجه أيضا عن سفيان عن داود بن شابور عن مجاهد مرسلا ومنصور ثقة حافظ فالحكم لوصله قوله يوم افتتح مكة هو ظرف للقول المذكور قوله لا هجرة أي بعد الفتح وافصح بذلك في رواية على بن المديني عن جرير في كتاب الجهاد قوله ولكن جهاد ونية المعنى أن وجوب الهجرة من مكة انقطع بفتحها إذ صارت دار إسلام ولكن بقي وجوب الجهاد على حاله عند الاحتياج إليه وفسره بقوله فإذا استنفرتم فانفروا أي إذا دعيتم إلى الغزو فأجيبوا قال الطيبي قوله ولكن جهاد عطف على مدخول لا هجرة أي الهجرة إما فرارا من الكفار وإما إلى الجهاد وإما إلى نحو طلب العلم وقد انقطعت الأولى فاغتنموا الاخيرتين وتضمن الحديث بشارة من النبي صلى الله عليه وسلّم بأن مكة تستمر دار إسلام وسيأتي البحث في ذلك مستوفى في كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى قوله فإن هذا بلد حرم الفاء جواب شرط محذوف تقديره إذا علمتم ذلك فاعلموا أن هذا بلد حرام وكأن وجه المناسبة أنه لما كان نصب القتال عليه حراما كان التنفير يقع منه لا إليه ولما روى مسلم هذا الحديث عن إسحاق عن جرير فصل الكلام الأول من الثاني بقوله وقال يوم الفتح إن الله حرم الخ فجعله حديثا آخر مستقلا وهو مقتضى صنيع من اقتصر على الكلام الأول كعلى بن المديني عن جرير كما سيأتي في الجهاد قوله حرمه الله سبق مشروحا في حديث أبي شريح ووقع في رواية غير الكشميهني حرم الله بحذف الهاء قوله وهو حرام بحرمة الله أي بتحريمه وقيل الحرمة الحق أي حرام بالحق المانع من تحليله واستدل به على تحريم القتل والقتال بالحرم فأما القتل فنقل بعضهم الاتفاق على جواز إقامة حد القتل فيها على من أوقعه فيها وخص الخلاف بمن قتل في الحل ثم لجا إلى الحرم وممن نقل الإجماع على ذلك بن الجوزي واحتج بعضهم بقتل بن خطل بها ولا حجة فيه لأن ذلك كان في الوقت الذي أحلت فيه للنبي صلى الله عليه وسلّم كما تقدم وزعم بن حزم أن مقتضى قول بن عمر وبن عباس وغيرهما أنه لا يجوز القتل فيها مطلقا ونقل التفصيل عن مجاهد وعطاء وقال أبو حنيفة لا يقتل في الحرم حتى يخرج إلى الحل باختياره لكن لا يجالس ولا يكلم ويوعظ ويذكر حتى يخرج وقال أبو يوسف يخرج مضطرا إلى الحل وفعله بن الزبير وروى بن أبي شيبة من طريق طاوس عن بن عباس من أصاب حدا ثم دخل الحرم لم يجالس ولم يبايع وعن مالك والشافعي يجوز إقامة الحد مطلقا فيها لأن العاصي هتك حرمة نفسه فأبطل