الزجاج في مختصره وأبو عبيد البكري في معجم ما استعجم أنها سميت يثرب باسم يثرب بن قانية بن مهلايل بن عيل بن عيص بن إرم بن سام بن نوح لأنه أول من سكنها بعد العرب ونزل أخوه خيبور خيبر فسميت به وسقط بعض الأسماء من كلام البكري قوله تنفى الناس قال عياض وكأن هذا مختص بزمنه لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه بها الا من ثبت ايمانه وقال النووي ليس هذا بظاهر لأن عند مسلم لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها كما ينفى الكير خبث الحديد وهذا والله أعلم زمن الدجال انتهى ويحتمل أن يكون المراد كلا من الزمنين وكان الأمر في حياته صلى الله عليه وسلّم كذلك للسبب المذكور ويؤيده قصة الأعرابي الآتية بعد أبواب فإنه صلى الله عليه وسلّم ذكر هذا الحديث معللا به خروج الأعرابي وسؤاله الاقالة عن البيعة ثم يكون ذلك أيضا في آخر الزمان عندما ينزل بها الدجال فترجف بأهلها فلا يبقى منافق ولا كافر الا خرج إليه كما سيأتي بعد أبواب أيضا وأما ما بين ذلك فلا قوله كما ينفى الكير بكسر الكاف وسكون التحتانية وفيه لغة أخرى كور بضم الكاف والمشهور بين الناس أنه الزق الذي ينفخ فيه لكن أكثر أهل اللغة على أن المراد بالكير حانوت الحداد والصائغ قال بن التين وقيل الكير هو الزق والحانوت هو الكور وقال صاحب المحكم الكير الزق الذي ينفخ فيه الحداد ويؤيد الأول ما رواه عمر بن شبة في أخبار المدينة بإسناد له إلى أبي مودود قال رأى عمر بن الخطاب كير حداد في السوق فضربه برجله حتى هدمه والخبث بفتح المعجمة والموحدة بعدها مثلثة أي وسخه الذي تخرجه النار والمراد أنها لا تترك فيها من في قلبه دغل بل تميزه عن القلوب الصادقة وتخرجه كما يميز الحداد رديء الحديد من جيده ونسبه التمييز للكير لكونه السبب الأكبر في اشتعال النار التي يقع التمييز بها واستدل بهذا الحديث على أن المدينة أفضل البلاد قال المهلب لأن المدينة هي التي أدخلت مكة وغيرها من القرى في الإسلام فصار الجميع في صحائف أهلها ولأنها تنفى الخبث وأجيب عن الأول بأن أهل المدينة الذين فتحوا مكة معظمهم من أهل مكة فالفضل ثابت للفريقين ولا يلزم من ذلك تفضيل إحدى البقعتين وعن الثاني بأن ذلك إنما هو في خاص من الناس ومن الزمان بدليل قوله تعالى ومن أهل المدينة مردوا على النفاق والمنافق خبيث بلا شك وقد خرج من المدينة بعد النبي صلى الله عليه وسلّم معاذ وأبو عبيدة وبن مسعود وطائفة ثم على وطلحة والزبير وعمار وآخرون وهم من أطيب الخلق فدل على أن المراد بالحديث تخصيص ناس دون ناس ووقت دون وقت قال بن حزم لو فتحت بلد من بلد فثبت بذلك الفضل للاولى للزم أن تكون البصرة أفضل من خراسان وسجستان وغيرهما مما فتح من جهة البصرة وليس كذلك وسيأتى مزيد لهذا في كتاب الاعتصام .
( قوله باب المدينة طابة ) .
أي من أسمائها إذ ليس في الحديث أنها لا تسمى بغير ذلك وذكر فيه طرفا من حديث أبي حميد الساعدي وقد مضى مطولا في أواخر الزكاة ووقع في بعض طرقه طابة وفي بعضها طيبة وروى مسلم من حديث جابر بن سمرة مرفوعا أن الله سمى المدينة طابة ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة عن