وروى أبو داود من طريق يحيى بن عيسى عن الأعمش قال ما رأيت أحدا من أصحابنا يكره الكحل للصائم وكان إبراهيم يرخص أن يكتحل الصائم بالصبر وروى بن أبي شيبة عن حفص عن الأعمش عن إبراهيم قال لا بأس بالكحل للصائم ما لم يجد طعمه ثم أورد المصنف حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يغتسل بعد الفجر ويصوم وأورده أيضا من حديثها وحديث أم سلمة وهو مطابق لما ترجم له وقد تقدم الكلام عليه مستوفى قبل بابين بحمد الله تعالى .
( قوله باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا أي هل يجب عليه القضاء أو لا وهي مسألة خلاف مشهورة فذهب الجمهور إلى عدم الوجوب وعن مالك يبطل صومه ويجب عليه القضاء قال عياض هذا هو المشهور عنه وهو قول شيخه ربيع وجميع أصحاب مالك لكن فرقوا بين الفرض والنفل وقال الداودي لعل مالكا لم يبلغه الحديث أو أوله على رفع الإثم قوله وقال عطاء أن استنثر فدخل الماء في حلقة لا بأس أن لم يملك أي دفع الماء بان غلبه فإن ملك دفع الماء فلم يدفعه حتى دخل حلقه أفطر ووقع في رواية أبي ذر والنسفى لا بأس لم يملك بإسقاط أن وهي على هذا جملة مستانفة كالتعليل لقوله لا بأس وهذا الأثر وصله عبد الرزاق عن بن جريج قلت لعطاء إنسان يستنثر فدخل الماء في حلقه قال لا بأس بذلك قال عبد الرزاق وقاله معمر عن قتادة وقال بن أبي شيبة حدثنا مخلد عن بن أبي جريج أن إنسانا قال لعطاء أمضمض فيدخل الماء في حلقي قال لا بأس لم يملك وهذا يقوي رواية أبي ذر والنسفى قوله وقال الحسن أن دخل الذباب في حلقه فلا شيء عليه وصله بن أبي شيبة من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عباس في الرجل يدخل في حلقه الذباب وهو صائم قال لا يفطر وعن وكيع عن الربيع عن الحسن قال لا يفطر ومناسبة هذين الاثرين للترجمة من جهة أن المغلوب بدخول الماء حلقه أو الذباب لا اختيار له في ذلك كالناسى قال بن المنير في الحاشية ادخل المغلوب في ترجمة الناسي لاجتماعهما في ترك العمد وسلب الاختيار ونقل بن المنذر الاتفاق على أن من دخل في حلقه الذباب وهو صائم أن لا شيء عليه لكن نقل غيره عن أشهب أنه قال أحب إلى أن يقضي حكاه بن التين وقال الزين بن المنير دخول الذباب أقعد بالغلبة وعدم الاختيار من دخول الماء لأن الذباب يدخل بنفسه بخلاف الاستنشاق والمضمضة فإنما تنشا عن تسببه وفرق إبراهيم بين من كان ذاكرا لصومه حال المضمضة فاوجب عليه القضاء دون الناسي وعن الشعبي أن كان لصلاة فلا قضاء وإلا قضى قوله وقال )