( قوله باب صيام يوم عاشوراء ) .
أي ما حكمه وعاشوراء بالمد على المشهور وحكى فيه القصر وزعم بن دريد أنه اسم إسلامي وأنه لا يعرف في الجاهلية ورد ذلك عليه بن دحية بان بن الأعرابي حكى أنه سمع في كلامهم خابوراء وبقول عائشة أن أهل الجاهلية كانوا يصومونه انتهى وهذا الأخير لا دلالة فيه على رد ما قال بن دريد واختلف أهل الشرع في تعيينه فقال الأكثر هو اليوم العاشر قال القرطبي عاشوراء معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم وهو في الأصل صفة لليلة العاشرة لأنه ماخوذ من العشر الذي هو اسم العقد واليوم مضاف إليها فإذا قيل يوم عاشوراء فكأنه قيل يوم الليلة العاشرة الا إنهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه الاسمية فاستغنوا عن الموصوف فحذفوا الليلة فصار هذا اللفظ علما على اليوم العاشر وذكر أبو منصور الجواليقي أنه لم يسمع فاعولاء إلا هذا وضاروراء وساروراء ودالولاء من الضار والسار والدال وعلى هذا فيوم عاشوراء هو العاشر وهذا قول الخليل وغيره وقال الزين بن المنير الأكثر على أن عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم وهو مقتضى الاشتقاق والتسمية وقيل هو اليوم التاسع فعلى الأول فاليوم مضاف لليلته الماضية وعلى الثاني هو مضاف لليلته الآتية وقيل إنما سمي يوم التاسع عاشوراء أخذا من اوراد الإبل كانوا إذا رعوا الإبل ثمانية أيام ثم اوردوها في التاسع قالوا وردنا عشرا بكسر العين وكذلك إلى الثلاثة وروى مسلم من طريق الحكم بن الأعرج انتهيت إلى بن عباس وهو متوسد رداءه فقلت أخبرني عن يوم عاشوراء قال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد واصبح يوم التاسع صائما قلت أهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلّم يصومه قال نعم وهذا ظاهره أن يوم عاشوراء هو اليوم التاسع لكن قال الزين بن المنير قوله إذا أصبحت من تاسعه فأصبح يشعر بأنه أراد العاشر لأنه لا يصبح صائما بعد أن أصبح من تاسعه الا إذا نوى الصوم من الليلة المقبلة وهو الليلة العاشرة قلت ويقوى هذا الاحتمال ما رواه مسلم أيضا من وجه آخر عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع فمات قبل ذلك فإنه ظاهر في أنه صلى الله عليه وسلّم كان يصوم العاشر وهم بصوم التاسع فمات قبل ذلك ثم ما هم به من صوم التاسع يحتمل معناه أنه لا يقتصر عليه بل يضيفه إلى اليوم العاشر أما احتياطا له وأما مخالفة لليهود والنصارى وهو الارجح وبه يشعر بعض روايات مسلم ولأحمد من وجه آخر عن بن عباس مرفوعا صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود صوموا يوما قبله أو يوما بعده وهذا كان في آخر الأمر وقد كان صلى الله عليه وسلّم يحب موافقة