فيه الرجال والنساء كقوله يا بني آدم وقوله يا بني إسرائيل بلفظ المذكر الا أن العرف عممه فأدخل فيه النساء قوله وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا كذا في رواية بن مسافر وفي رواية معمر سوءا أو قال شيئا وعند مسلم وأبي داود وأحمد من حديث معمر شرا بمعجمة وراء بدل سوءا وفي رواية هشيم أني خفت أن يدخل عليكما شيئا والمحصل من هذه الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم ينسبهما إلى إنهما يظنان به سوءا لما تقرر عنده من صدق ايمانهما ولكن خشي عليهما أن يوسوس لهما الشيطان ذلك لأنهما غير معصومين فقد يفضى بهما ذلك إلى الهلاك فبادر إلى اعلامهما حسما للمادة وتعليما لمن بعدهما إذا وقع له مثل ذلك كما قاله الشافعي C تعالى فقد روى الحاكم أن الشافعي كان في مجلس بن عيينة فسأله عن هذا الحديث فقال الشافعي إنما قال لهما ذلك لأنه خاف عليهما الكفر أن ظنا به التهمة فبادر إلى اعلامهما نصيحة لهما قبل أن يقذف الشيطان في نفوسهما شيئا يهلكان به قلت وهو بين من الطرق التي أسلفتها وغفل البزار فطعن في حديث صفية هذا واستبعد وقوعه ولم يأت بطائل والله الموفق وقوله يبلغ أو يجري قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى اقدره على ذلك وقيل هو على سبيل الاستعارة من كثرة إغوائه وكأنه لا يفارق كالدم فاشتركا في شدة الاتصال وعدم المفارقة وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره والقيام معه والحديث مع غيره وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة وزيارة المرأة للمعتكف وبيان شفقته صلى الله عليه وسلّم على أمته وارشادهم إلى ما يدفع عنهم الإثم وفيه التحرز من التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار قال بن دقيق العيد وهذا متأكد في حق العلماء ومن يقتدي به فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلا يوجب سوء الظن بهم وأن كان لهم فيه مخلص لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم ومن ثم قال بعض العلماء ينبغي للحاكم أن يبين للمحكوم عليه وجه الحكم إذا كان خافيا نفيا للتهمة ومن هنا يظهر خطا من يتظاهر بمظاهر السوء ويعتذر بأنه يجرب بذلك على نفسه وقد عظم البلاء بهذا الصنف والله أعلم وفيه إضافة بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم إليهن وفيه جواز خروج المرأة ليلا وفيه قول سبحان الله عند التعجب وقد وقعت في الحديث لتعظيم الأمر وتهويله وللحياء من ذكره كما في حديث أم سليم واستدل به لأبي يوسف ومحمد في جواز تمادى المعتكف إذا خرج من مكان اعتكافه لحاجته وأقام زمنا يسيرا زائدا عن الحاجة ما لم يستغرق أكثر اليوم ولا دلالة فيه لأنه لم يثبت أن منزل صفية كان بينه وبين المسجد فاصل زائد وقد حد بعضهم اليسير بنصف يوم وليس في الخبر ما يدل عليه