( قوله باب النهى عن تلقى الركبان ) .
وأن بيعه مردود لأن صاحبه عاص آثم إذا كان به عالما وهو خداع في البيع والخداع لا يجوز جزم المصنف بأن البيع مردود بناء على أن النهى يقتضى الفساد لكن محل ذلك عند المحققين فيما يرجع إلى ذات المنهي عنه لا ما إذا كان يرجع إلى أمر خارج عنه فيصح البيع ويثبت الخيار بشرطه الاتى ذكره وأما كون صاحبه عاصيا آثما والاستدلال عليه بكونه خداعا فصحيح ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون البيع مردودا لأن النهى لا يرجع إلى نفس العقد ولا يخل بشيء من أركانه وشرائطه وإنما هو لدفع الأضرار بالركبان والقول ببطلان البيع صار إليه بعض المالكية وبعض الحنابلة ويمكن أن يحمل قول البخاري أن البيع مردود على ما إذا أختار البائع رده فلا يخالف الراجح وقد تعقبه الإسماعيلي والزمه التناقض ببيع المصراة فإن فيه خداعا ومع ذلك لم يبطل البيع وبكونه فصل في بيع الحاضر للبادي بين أن يبيع له بأجر أو بغير أجر واستدل عليه أيضا بحديث حكيم بن حزام الماضي في بيع الخيار ففيه فإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما قال فلم يبطل بيعهما بالكذب والكتمان للعيب وقد ورد بإسناد صحيح أن صاحب السلعة إذا باعها لمن تلقاه يصير بالخيار إذا دخل السوق ثم ساقه من حديث أبي هريرة قال بن المنذر أجاز أبو حنيفة التلقى وكرهه الجمهور قلت الذي في كتب الحنفية يكره التلقى في حالتين أن يضر بأهل البلد وأن يلتبس السعر على الواردين ثم اختلفوا فقال الشافعي من تلقاه فقد أساء وصاحب السلعة بالخيار وحجته حديث أيوب عن بن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن تلقى الجلب فإن تلقاه فاشتراه فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق قلت وهو حديث أخرجه أبو داود والترمذي وصححه بن خزيمة من طريق أيوب وأخرجه مسلم من طريق هشام عن بن سيرين بلفظ لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار وقوله فهو بالخيار أي إذا قدم السوق وعلم السعر وهل يثبت له مطلقا أو بشرط أن يقع له في البيع غبن وجهان أصحهما الأول وبه قال الحنابلة وظاهره أيضا أن النهى لأجل منفعة البائع وإزالة الضرر عنه وصيانته ممن يخدعه قال بن المنذر وحمله مالك على نفع أهل السوق لا على نفع رب السلعة وإلى ذلك جنح الكوفيون والأوزاعي قال والحديث حجة للشافعي لأنه أثبت الخيار للبائع لا لأهل السوق انتهى واحتج مالك بحديث بن عمر المذكور في آخر الباب وسيأتي الكلام على ذلك وقد ذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث أولها حديث أبي هريرة .
2054 - قوله حدثنا عبد الوهاب هو بن عبد المجيد الثقفي قوله عن سعيد بن أبي سعيد هو المقبري قوله عن التلقى ظاهره منع التلقى مطلقا سواء كان قريبا أم بعيدا سواء كان لأجل الشراء منهم أم لا وسيأتى البحث فيه ثانيها حديث بن عباس .
2055 - قوله حدثنا عبد الأعلى هو بن عبد الأعلى قوله سألت بن عباس كذا رواه مختصرا وليس فيه للتلقى ذكر وكأنه أشار على عادته إلى أصل الحديث فقد سبق قبل بابين من وجه آخر عن معمر وفي أوله لا تلقوا الركبان وكذا أخرجه مسلم من وجه آخر عن معمر والقول في حديث بن عباس كالقول في حديث أبي هريرة وقوله لا تلقوا الركبان خرج مخرج الغالب في أن من يجلب الطعام يكونون عددا ركبانا ولا مفهوم له بل لو كان الجالب عددا مشاة أو واحدا راكبا أو ماشيا لم يختلف الحكم وقوله للبيع يشمل البيع لهم والبيع منهم ويفهم منه اشتراط قصد ذلك بالتلقى فلو تلقى الركبان أحد للسلام أو الفرجة أو خرج لحاجة له فوجدهم فبايعهم هل يتناوله النهى فيه احتمال فمن نظر إلى المعنى لم يفترق عنده الحكم بذلك وهو الأصح عند الشافعية وشرط بعض الشافعية في