الإطلاق على أنه يصح اشتراط بعض الثمرة كما يصح اشتراط جميعها وكأنه قال إلا أن يشترط المبتاع شيئا من ذلك وهذه هي النكتة في حذف المفعول وانفرد بن القاسم فقال لا يجوز له شرط بعضها واستدل به على أن المؤبر يخالف في الحكم غير المؤبر وقال الشافعية لو باع نخلة بعضها مؤبر وبعضها غير مؤبر فالجميع للبائع وإن باع نخلتين فكذلك يشترط اتحاد الصفقة فإن أفرد فلكل حكمة ويشترط كونهما في بستان واحد فإن تعدد فلكل حكمة ونص أحمد على أن الذي يؤبر للبائع والذي لا يؤبر للمشتري وجعل المالكية الحكم للأغلب وفي الحديث جواز التأبير وأن الحكم المذكور مختص بإناث النخل دون ذكوره وأما ذكوره فللبائع نظرا إلى المعنى ومن الشافعية من أخذ بظاهر التأبير فلم يفرق بين أنثى وذكر واختلفوا فيما لو باع نخلة وبقيت ثمرتها له ثم خرج طلع آخر من تلك النخلة فقال بن أبي هريرة هو للمشتري لأنه ليس للبائع إلا ما وجد دون ما لم يوجد وقال الجمهور هو للبائع لكونه من ثمرة المؤبرة دون غيرها ويستفاد من الحديث أن الشرط الذي لا ينافي مقتضى العقد لا يفسد البيع فلا يدخل في النهي عن بيع وشرط واستدل الطحاوي بحديث الباب على جواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها واحتج به لمذهبه الذي حكيناه في ذلك وقد تعقبه البيهقي وغيره بأنه يستدل بالشيء في غير ما ورد فيه حتى إذا جاء ما ورد فيه استدل بغيره عليه كذلك فيستدل لجواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بحديث التأبير ولا يعمل بحديث التأبير بل لا فرق عنده كما تقدم في البيع قبل التأبير وبعده فإن الثمرة في ذلك للمشتري سواء شرطها البائع لنفسه أو لم يشترطها والجمع بين حديث التأبير وحديث النهي عن بيع الثمرة قبل بدو الصلاح سهل بأن الثمرة في بيع النخل تابعه للنخل وفي حديث النهي مستقلة وهذا واضح جدا والله أعلم بالصواب .
( قوله باب بيع الزرع بالطعام كيلا ) .
ذكر فيه حديث بن عمر في النهي عن المزابنة وفيه وإن كان زرعا أن يبيعه بكيل طعام قال بن بطال أجمع العلماء على أنه لا يجوز بيع الزرع قبل أن يقطع بالطعام لأنه بيع مجهول بمعلوم وأما بيع رطب ذلك بيابسه بعد القطع وإمكان المماثلة فالجمهور لا يجيزون بيع شيء من ذلك بجنسه لا متفاضلا ولا متماثلا انتهى وقد تقدم البحث في ذلك قبل أبواب واحتج الطحاوي لأبي حنيفة في جواز بيع الزرع الرطب بالحب اليابس بأنهم أجمعوا على جواز بيع الرطب بالرطب مثلا بمثل مع أن رطوبة أحدهما ليست كرطوبة الآخر بل تختلف اختلافا متباينا وتعقب بأنه قياس في مقابلة النص فهو فاسد وبأن الرطب بالرطب وإن تفاوت لكنه نقصان يسير فعفى عنه لقلته بخلاف الرطب بالتمر فإن تفاوته تفاوت كثير والله أعلم