وكأنه أشار بالأول إلى ما تقدم من رواية وكيع عند الإسماعيلي في قوله وعليه دين وإلى ما أخرجه النسائي من طريق الأعمش عن سلمة بن كهيل بلفظ أن رجلا من الأنصار أعتق غلاما له عن دبر وكان محتاجا وكان عليه دين فباعه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بثمانمائة درهم فأعطاه وقال اقض دينك وبالثاني إلى ما أخرجه مسلم والنسائي من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر قال أعتق رجل من بني عذرة عبدا له عن دبر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلّم فقال ألك مال غيره فقال لا الحديث وفيه فدفعها إليه ثم قال ابدأ بنفسك فتصدق عليها الحديث وفي رواية أيوب المذكورة نحوه ولفظه إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه فإن كان فضل فعلى عياله الحديث فاتفقت هذه الروايات على أن بيع المدبر كان في حياة الذي دبره إلا ما رواه شريك عن سلمة بن كهيل بهذا الإسناد أن رجلا مات وترك مدبرا ودينا فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم فباعه في دينه بثمانمائة درهم أخرجه الدارقطني ونقل عن شيخه أبي بكر النيسابوري أن شريكا أخطأ فيه والصحيح ما رواه الأعمش وغيره عن سلمة وفيه ودفع ثمنه إليه وفي رواية النسائي من وجه آخر عن إسماعيل بن أبي خالد ودفع ثمنه إلى مولاه قلت وقد رواه أحمد عن أسود بن عامر عن شريك بلفظ أن رجلا دبر عبدا له وعليه دين فباعه النبي صلى الله عليه وسلّم في دين مولاه وهذا شبيه برواية الأعمش وليس فيه للموت ذكر وشريك كان تغير حفظه لما ولي القضاء وسماع من حمله عنه قبل ذلك أصح ومنهم أسود المذكور تنبيهات الأول اتفقت الطرق على أن ثمنه ثمانمائة درهم إلا ما أخرجه أبو داود من طريق هشيم عن إسماعيل قال سبعمائة أو تسعمائة الثاني وجدت لوكيع في حديث الباب إسنادا آخر أخرجه بن ماجة من طريق أبي عبد الرحمن الأدرمي عنه عن أبي عمرو بن العلاء عن عطاء مثل لفظ حديث الباب مختصرا الثالث وقع في رواية الأوزاعي عن عطاء عند أبي داود زيادة في آخر الحديث وهو أنت أحق بثمنه والله أغنى عنه الطريق الثاني قوله عن عمرو هو بن دينار وفي رواية الحميدي في مسنده حدثنا عمرو بن دينار قوله باعه رسول الله صلى الله عليه وسلّم هكذا أخرجه أيضا مختصرا ولم يذكر من يعود الضمير عليه وقد أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عن سفيان فزاد في آخره يعني المدبر وأخرجه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم وأبي بكر بن أبي شيبة جميعا عن سفيان بلفظ دبر رجل من الأنصار غلاما له لم يكن له مال غيره فباعه رسول الله صلى الله عليه وسلّم فاشتراه بن النحام عبدا قبطيا مات عام أول في إمارة بن الزبير وهكذا أخرجه أحمد عن سفيان بتمامه نحوه وقد أخرجه المصنف في كفارات الأيمان من طريق حماد بن زيد عن عمرو نحوه ولم يقل في إمارة بن الزبير ولا عين الثمن قال القرطبي وغيره اتفقوا على مشروعية التدبير واتفقوا على أنه من الثلث غير الليث وزفر فإنهما قالا من رأس المال واختلفوا هل هو عقد جائز أو لازم فمن قال لازم منع التصرف فيه إلا بالعتق ومن قال جائز أجاز وبالأول قال مالك والأوزاعي والكوفيون وبالثاني قال الشافعي وأهل الحديث وحجتهم حديث الباب ولأنه تعليق للعتق بصفة انفرد السيد بها فيتمكن من بيعه كمن علق عتقه بدخول الدار مثلا ولأن من أوصى بعتق شخص جاز له بيعه باتفاق فيلحق به جواز بيع المدبر لأنه في معنى الوصية وقيد الليث الجواز بالحاجة وإلا فيكره وأجاب الأول بأنها قضية عين لا عموم لها فيحمل على بعض الصور وهو اختصاص الجواز بما إذا كان عليه دين وهو مشهور مذهب أحمد والخلاف في مذهب مالك أيضا وأجاب بعض المالكية عن الحديث بأنه صلى الله عليه وسلّم رد تصرف هذا الرجل لكونه لم يكن له مال غيره فيستدل به على رد تصرف من تصدق بجميع