من لم يتقدمه أحد في الغراس بطريق الأحياء والذي يليه من أحيا بعده وهلم جرا قال وظاهر الخبر أن الأول من يكون أقرب إلى مجرى الماء وليس هو المراد وقال بن التين الجمهور على أن الحكم أن يمسك إلى الكعبين وخصه بن كنانة بالنخل والشجر قال وأما الزروع فإلى الشراك وقال الطبري الأراضي مختلفة فيمسك لكل أرض ما يكفيها لأن الذي في قصة الزبير واقعة عين واختلف أصحاب مالك هل يرسل الأول بعد استيفائه جميع الماء أو يرسل منه ما زاد على الكعبين والأول أظهر ومحله إذا لم يبق له به حاجة والله أعلم وقد وقع في مرسل عبد الله بن أبي بكر في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قضى في مسيل مهزور ومذينب أن يمسك حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل ومهزور بفتح أوله وسكون الهاء وضم الزاي وسكون الواو بعدها راء ومذينب بذال معجمة ونون بالتصغير واديان معروفان بالمدينة وله إسناد موصول في غرائب مالك للدارقطني من حديث عائشة وصححه الحاكم وأخرجه أبو داود وبن ماجة والطبري من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناد كل منهما حسن وأخرج عبد الرزاق هذا الحديث المرسل بإسناد آخر موصول ثم روى عن معمر عن الزهري قال نظرنا في قوله أحبس الماء حتى يبلغ الجدر فكان ذلك إلى الكعبين اه وقد روى البيهقي من رواية بن المبارك عن معمر قال سمعت غير الزهري يقول نظروا في قوله حتى يرجع إلى الجدر فكان ذلك إلى الكعبين وكأن معمرا سمع ذلك من بن جريج فأرسله في رواية عبد الرزاق وقد بين بن جريج أنه سمعه من الزهري ووقع في رواية عبد الرحمن بن إسحاق أحبس الماء إلى الجدر أو إلى الكعبين وهو شك منه والصواب ما رواه بن جريج وذكر الشاشي من الشافعية أن معنى قوله إلى الجدر أي إلى الكعبين وكأنه أشار إلى هذا التقدير وإلا فليس الجدر مرادفا للكعب قوله الجدر هو الأصل كذا هنا في رواية المستملي وحده وفي هذا الحديث غير ما تقدم أن من سبق إلى شيء من مياه الأودية والسيول التي لا تملك فهو أحق به لكن ليس له إذا استغنى أن يحبس الماء عن الذي يليه وفيه أن للحاكم أن يشير بالصلح بين الخصمين ويأمر به ويرشد إليه ولا يلزمه به الا إذا رضي وأن الحاكم يستوفي لصاحب الحق حقه إذا لم يتراضيا وأن يحكم بالحق لمن توجه له ولو لم يسأله صاحب الحق وفيه الاكتفاء من المخاصم بما يفهم عنه مقصوده من غير مبالغة في التنصيص على الدعوى ولا تحديد المدعى ولا حصره بجميع صفاته وفيه توبيخ من جفى على الحاكم ومعاقبته ويمكن أن يستدل به على أن للأمام أن يعفو عن التعزير المتعلق به لكن محل ذلك ما لم يؤد إلى هتك حرمة الشرع وإنما لم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلّم صاحب القصة لما كان عليه من تأليف الناس كما قال في حق كثير من المنافقين لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه قال القرطبي فلو صدر مثل هذا من أحد في حق النبي صلى الله عليه وسلّم أو في حق شريعته لقتل قتلة زنديق ونقل النووي نحوه عن العلماء والله أعلم