سلمة عن عائشة قلت فما كان طعامكم قوله الأسودان التمر والماء هو على التغليب وإلا فالماء لا لون له ولذلك قالوا الأبيضان اللبن والماء وإنما أطلقت على التمر أسود لأنه غالب تمر المدينة وزعم صاحب المحكم وارتضاه بعض الشراح المتأخرين أن تفسير الأسودين بالتمر والماء مدرج وإنما أرادت الحرة والليل واستدل بأن وجود التمر والماء يقتضي وصفهم بالسعة وسياقها يقتضي وصفهم بالضيق وكأنها بالغت في وصف حالهم بالشدة حتى أنه لم يكن عندهم الا الليل والحرة اه وما ادعاه ليس بطائل والإدراج لا يثبت بالتوهم وقد أشار إلى أن مستنده في ذلك أن بعضهم دعا قوما وقال لهم ما عندي الا الأسودان فرضوا بذلك فقال ما أردت الا الحرة والليل وهذا حجة عليه لأن القوم فهموا التمر والماء وهو الأصل وأراد هو المزح معهم فألغز لهم بذلك وقد تظاهرت الأخبار بالتفسير المذكور ولا شك أن أمر العيش نسبي ومن لا يجد الا التمر أضيق حالا ممن يجد الخبز مثلا ومن لم يجد الا الخبز أضيق حالا ممن يجد اللحم مثلا وهذا أمر لا يدفعه الحس وهو الذي أرادت عائشة وسيأتي في الرقاق من طريق هشام عن عروة عن أبيه عنها بلفظ وما هو الا التمر والماء وهو أصرح في المقصود لا يقبل الحمل على الادراج قوله جيران بكسر الجيم زاد الإسماعيلي من طريق محمد بن الصباح عن عبد العزيز نعم الجيران كانوا وفي رواية أبي سلمة جيران صدق وسيأتي بعد ستة أبواب الإشارة إلى أسمائهم قوله منائح بنون ومهملة جمع منيحة وهي كعطية لفظا ومعنى وأصلها عطية الناقة أو الشاة ويقال لا يقال منيحة الا للناقة وتستعار للشاة كما تقدم في الفرسن سواء قال إبراهيم الحربي وغيره يقولون منحتك الناقة وأعرتك النخلة وأعمرتك الدار وأخدمتك العبد وكل ذلك هبة منافع وقد تطلق المنيحة على هبة الرقبة ويأتي مزيد لذلك بعد أبواب وقوله يمنحون بفتح أوله وثالثه ويجوز ضم أوله وكسر ثالثه أي يجعلونها له منحة قوله فيسقيناه في رواية الإسماعيلي فيسقينا منه وفي هذا الحديث ما كان فيه الصحابة من التقلل من الدنيا في أول الأمر وفيه فضل الزهد وإيثار الواجد للمعدم والاشتراك فيما في الأيدي وفيه جواز ذكر المرء ما كان فيه من الضيق بعد أن يوسع الله عليه تذكيرا بنعمه وليتأسى به غيره .
( قوله باب القليل من الهبة ) .
ذكر فيه حديث أبي هريرة لو دعيت إلى ذراع أو كراع وسيأتي شرحه في باب الوليمة من كتاب النكاح إن شاء الله تعالى ومناسبته للترجمة بطريق الأولى لأنه إذا كان يجيب من دعاه على ذلك القدر اليسير فلأن يقبله ممن أحضره إليه أولى والكراع من الدابة ما دون الكعب وقيل هو اسم مكان ولا يثبت ويرده حديث أنس عند الترمذي بلفظ لو أهدي إلي كراع لقبلت وللطبراني من حديث أم حكيم الخزاعية قلت يا رسول الله تكره رد الظلف قال ما أقبحه لو أهدي إلي كراع لقبلت الحديث وخص