ونحوه واستثنى مالك النكاح والطلاق والعتاق والفدية فقال لا يجب في شيء منها اليمين حتى يقيم المدعي البينة ولو شاهدا واحدا قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلّم شاهداك أو يمينه وصله في آخر الباب من حديث الأشعث والغرض منه أنه أطلق اليمين في جانب المدعى عليه ولم يقيده بشيء دون شيء وارتفع شاهداك على أنه خبر مبتدأمحذوف تقديره المثبت لك أو الحجة أو ما يثبت لك والمعنى ما يثبت لك شهادة شاهديك أو لك إقامة شاهديك فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فأعرب إعرابه فارتفع وحذف الخبر للعلم به وقد تقدم في الرهن بلفظ شهودك وأنه روي بالرفع والنصب وتقدم توجيهه قوله وقال قتيبة حدثنا سفيان هو بن عيينة ورأيت بخط القطب أنه رأى في بعض النسخ حدثنا قتيبة ورد ذلك مغلطاي بأن البخاري لم يحتج بابن شبرمة وهو عجيب فإنه أخرج له في الشواهد كما سيأتي في كتاب الأدب وهذا من الشواهد فإنه حكاية واقعة اتفقت له مع بن عيينة ليس فيها حديث مرفوع يحتج به قوله عن بن شبرمة بضم المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة وهو عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان الضبي قاضي الكوفة للمنصور مات سنة أربع وأربعين ومائة قوله كلمني أبو الزناد هو قاضي المدينة قوله في شهادة الشاهد ويمين المدعي أي في القول بجوازها وكان مذهب أبي الزناد القضاء بذلك كأهل بلده ومذهب بن شبرمة خلافه كأهل بلده فاحتج عليه أبو الزناد بالخبر الوارد في ذلك فاحتج عليه بن شبرمة بما ذكر في الآية الكريمة وإنما تتم له الحجة بذلك على أصل مختلف فيه بين الفريقين وهو أن الخبر إذا ورد متضمنا لزيادة على ما في القرآن هل يكون نسخا والسنة لا تنسخ القرآن أو لا يكون نسخا بل زيادة مستقلة بحكم مستقل إذا ثبت سنده وجب القول به والأول مذهب الكوفيين والثاني مذهب الحجازيين ومع قطع النظر عن ذلك لا تنتهض حجة بن شبرمة لأنه يصير معارضة للنص بالرأي وهو غير معتبر به وقد أجاب عنه الإسماعيلي فقال الحاجة إلى إذكار إحداهما الأخرى إنما هو فيما إذا شهدتا وإن لم تشهدا قامت مقامهما يمين الطالب ببيان السنة الثابتة واليمين ممن هي عليه لو انفردت لحلت محل البينة في الأداء والإبراء فكذلك حلت اليمين هنا محل المرأتين في الاستحقاق بها مضافة للشاهد الواحد قال ولو لزم إسقاط القول بالشاهد واليمين لأنه ليس في القرآن للزم إسقاط الشاهد والمرأتين لأنهما ليستا في السنة لأنه صلى الله عليه وسلّم قال شاهداك أو يمينه اه وحاصله أنه لا يلزم من التنصيص على الشيء نفيه عما عداه لكن مقتضى ما بحثه أن لا يقضي باليمين مع الشاهد الواحد إلا عند فقد الشاهدين أو ما قام مقامهما من الشاهد والمرأتين وهو وجه للشافعية وصححه الحنابلة ويؤيده ما رواه الدارقطني من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قضى الله ورسوله في الحق بشاهدين فإن جاء بشاهدين اخذ حقه وإن جاء بشاهد واحد حلف مع شاهده وأجاب بعض الحنفية بأن الزيادة على القرآن نسخ وأخبار الآحاد لا تنسخ المتواتر ولا تقبل الزيادة من الأحاديث إلا إذا كان الخبر بها مشهورا وأجيب بأن النسخ رفع الحكم ولا رفع هنا وأيضا فالناسخ والمنسوخ لابد أن يتواردا على محل واحد وهذا غير متحقق في الزيادة على النص وغاية ما فيه أن تسمية الزيادة كالتخصيص نسخا اصطلاح فلا يلزم منه نسخ الكتاب بالسنة لكن تخصيص الكتاب بالسنة جائز وكذلك الزيادة عليه كما في قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم وأجمعوا على تحريم نكاح العمة مع بنت أخيها وسند الإجماع في ذلك السنة الثابتة وكذلك قطع رجل السارق في المرة الثانية وأمثلة ذلك كثيرة وقد أخذ من رد الحكم بالشاهد واليمين لكونه زيادة على القرآن بأحاديث كثيرة في أحكام كثيرة كلها زائدة على ما في القرآن كالوضوء بالنبيذ والوضوء من القهقهة ومن القيء والمضمضة والاستنشاق في الغسل دون الوضوء واستبراء المسبية