( قوله باب فضل الجهاد والسير ) .
بكسر المهملة وفتح التحتانية جمع سيرة وأطلق ذلك على أبواب الجهاد لأنها متلقاة من أحوال النبي صلى الله عليه وسلّم في غزواته قوله وقول الله تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة الآيتين إلى قوله وبشر المؤمنين كذا للنسفي وبن شبويه وساق في رواية الأصيلي وكريمة الآيتين جميعا وعند أبي ذر إلى قوله وعدا عليه حقا ثم قال إلى قوله والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين والمراد بالمبايعة في الآية ما وقع في ليلة العقبة من الأنصار أو أعم من ذلك وقد ورد ما يدل على الاحتمال الأول عند أحمد عن جابر وعند الحاكم في الإكليل عن كعب بن مالك وفي مرسل محمد بن كعب قال عبد الله بن رواحة يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم قالوا فما لنا إذا فعلنا ذلك قال الجنة قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل فنزل إن الله اشترى الآية قوله قال بن عباس الحدود الطاعة وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عنه في قوله تلك حدود الله يعني طاعة الله وكأنه تفسير باللازم لأن من أطاع وقف عند امتثال أمره واجتناب نهيه ثم ذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث الأول حديث بن مسعود أي العمل أفضل وقد تقدم الكلام عليه في المواقيت وأغرب الداودي فقال في شرح هذا الحديث أن أوقع الصلاة في ميقاتها كان الجهاد مقدما على بر الوالدين وإن أخرها كان البر مقدما على الجهاد ولا أعرف له في ذلك مستندا فالذي يظهر أن تقديم الصلاة على الجهاد والبر لكونها لازمة للمكلف في كل أحيانه وتقديم البر على الجهاد لتوقفه على إذن الأبوين وقال الطبري إنما خص صلى الله عليه وسلّم هذه الثلاثة بالذكر لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات فإن من ضيع الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها من غير عذر مع خفة مؤنتها عليه وعظيم فضلها فهو لما سواها أضيع ومن لم يبر والديه مع وفور حقهما عليه كان لغيرهما أقل برا ومن ترك جهاد الكفار مع شدة عداوتهم للدين كان لجهاد غيرهم من الفساق أترك فظهر أن الثلاثة تجتمع في أن من حافظ عليها كان لما سواها أحفظ ومن ضيعها كان لما سواها أضيع الثاني حديث بن عباس لا هجرة بعد الفتح وسيأتي شرحه بعد أبواب في باب وجوب النفير الثالث حديث عائشة جهادكن الحج وقد تقدم شرحه في كتاب الحج ووجه دخوله في هذا الباب من تقريره صلى الله عليه وسلّم لقولها نرى