لسياق حديث عبد الله بن عمرو الذي تقدم ذكره وذكر بعض المتأخرين للتعبير بثلثي الأجر في حديث عبد الله بن عمرو حكمة لطيفة بالغة وذلك أن الله أعد للمجاهدين ثلاث كرامات دنيويتان وأخروية فالدنيويتان السلامة والغنيمة والاخروية دخول الجنة فإذا رجع سالما غانما فقد حصل له ثلثا ما أعد الله له وبقي له عند الله الثلث وإن رجع بغير غنيمة عوضه الله عن ذلك ثوابا في مقابلة ما فاته وكأن معنى الحديث أنه يقال للمجاهد إذا فات عليك شيء من أمر الدنيا عوضتك عنه ثوابا وأما الثواب المختص بالجهاد فهو حاصل للفريقين معا قال وغاية ما فيه عد ما يتعلق بالنعمتين الدنيويتين أجرا بطريق المجاز والله أعلم وفي الحديث أن الفضائل لاتدرك دائما بالقياس بل هي بفضل الله وفيه استعمال التمثيل في الأحكام وأن الأعمال الصالحة لا تستلزم الثواب لاعيانها وإنما تحصل بالنية الخالصة إجمالا وتفصيلا والله أعلم .
( قوله باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء ) .
قال بن المنير وغيره وجه دخول هذه الترجمة في الفقه أن الظاهر من الدعاء بالشهادة يستلزم طلب نصر الكافر على المسلم واعانة من يعصي الله على من يطيعه لكن القصد الاصلي إنما هو حصول الدرجة العليا المترتبة على حصول الشهادة وليس ما ذكره مقصودا لذاته وإنما يقع من ضرورة الوجود فاغتفر حصول المصلحة العظمى من دفع الكفار واذلالهم وقهرهم بقصد قتلهم بحصول ما يقع في ضمن ذلك من قتل بعض المسلمين وجاز تمني الشهادة لما يدل عليه من صدق من وقعت له من اعلاء كلمة الله حتى