( قوله باب الدليل على أن الخمس أي خمس الغنيمة لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلّم والمساكين ) .
النوائب جمع نائبة وهو ما ينوب الإنسان من الأمر الحادث وايثار النبي صلى الله عليه وسلّم أهل الصفة والأرامل حين سألته فاطمة وشكت إليه الطحن في رواية الكشميهني والطحين والرحى أن يخدمها من السبي فوكلها إلى الله تعالى ثم ذكر حديث علي أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحن فبلغها أن النبي صلى الله عليه وسلّم أتى بسبي فأتته تسأله خادما فذكر الحديث وفيه ألا أدلكما على خير مما سألتما فذكر الذكر عند النوم وسيأتي شرحه في كتاب الدعوات أن شاء الله تعالى وليس فيه ذكر أهل الصفة ولا الارامل وكأنه أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته وهو ما أخرجه أحمد من وجه آخر عن علي في هذه القصة مطولا وفيه والله لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع لا أجد ما أنفق عليهم ولكن ابيعهم وأنفق عليهم أثمانهم وفي حديث الفضل بن الحسن الضمري عن ضباعة أو أم الحكم بنت الزبير قالت أصاب النبي صلى الله عليه وسلّم سبيا فذهبت أنا وأختي فاطمة نسأله فقال سبقكما يتامى بدر الحديث أخرجه أبو داود وتقدم من حديث بن عمر في الهبة أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر فاطمة أن ترسل الستر إلى أهل بيت بهم حاجة قال إسماعيل القاضي هذا الحديث يدل على أن للأمام أن يقسم الخمس حيث يرى لأن الأربعة الأخماس استحقاق للغانمين والذي يختص بالامام هو الخمس وقد منع النبي صلى الله عليه وسلّم ابنته وأعز الناس عليه من اقربيه وصرفه إلى غيرهم وقال نحوه الطبري لو كان سهم ذوي القربى قسما مفروضا لأخدم ابنته ولم يكن ليدع شيئا اختاره الله لها وامتن به على ذوي القربى وكذا قال الطحاوي وزاد وأن أبا بكر وعمر أخذا بذلك وقسما جميع الخمس ولم يجعلا لذوي القربى منه حقا مخصوصا به بل بحسب ما يرى الإمام وكذلك فعل علي قلت في الاستدلال بحديث على هذا نظر لأنه يحتمل أن يكون ذلك من الفيء وأما خمس الخمس من الغنيمة فقد روى أبو داود من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال قلت يا رسول الله أن رأيت أن توليني حقنا من هذا الخمس الحديث وله من وجه آخر عنه ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلّم خمس الخمس فوضعته مواضعه حياته الحديث فيحتمل أن تكون قصة فاطمة وقعت قبل فرض الخمس والله أعلم وهو بعيد لأن قوله تعالى واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه الآية نزلت في غزوة بدر وقد مضى قريبا أن الصحابة اخرجوا الخمس من أول غنيمة غنموها من المشركين فيحتمل أن حصة خمس الخمس وهو حق ذوي القربى من الفيء المذكور لم يبلغ قدر الرأس الذي طلبته فاطمة فكان حقها من ذلك يسيرا جدا يلزم منه أن لو أعطاها الرأس أثر في حق بقية المستحقين ممن ذكر وقال المهلب في هذا الحديث أن للإمام أن يؤثر بعض مستحقي الخمس على بعض ويعطى الأوكد فالأوكد ويستفاد من الحديث حمل الإنسان أهله على ما يحمل عليه نفسه من التقلل والزهد في الدنيا والقنوع بما أعد الله لأوليائه الصابرين في الآخرة قلت وهذا كله بناء على ما يقتضيه ظاهر الترجمة وأما مع الاحتمال الذي ذكرته أخيرا فلا يمكن أن يؤخذ من ذكر الايثار عدم وقوع الاشتراك في الشيء ففي ترك القسمة واعطاء أحد المستحقين دون الآخر إيثار الآخذ على الممنوع فلا يلزم منه نفي الاستحقاق وسيأتي مزيد في هذه المسألة بعد ثمانية أبواب