( قوله باب صفة النار وأنها مخلوقة ) .
القول فيه كالقول في باب صفة الجنة سواء قوله غساقا يقال غسقت عينه ويغسق الجرح وهذا مأخوذ من كلام أبي عبيدة فإنه قال في قوله تعالى إلا حميما وغساقا الحميم الماء الحار والغساق ما همي وسال يقال غسقت من العين ومن الجرح ويقال عينه تغسق أي تسيل والمراد في الآية ما سأل من أهل النار من الصديد رواه الطبري من قول قتادة ومن قول إبراهيم وعطية بن سعد وغيرهم وقيل من دموعهم أخرجه أيضا من قول عكرمة وغيره وقيل الغساق البارد الذي يحرق ببرده رواه أيضا من قول بن عباس ومجاهد وأبي العالية قال أبو عبيد الهروي من قرأه بالتشديد أراد السائل ومن قرأه بالتخفيف أراد البارد وقيل الغساق المنتن رواه الطبري عن عبد الله بن بريدة وقال أنها بالطخارية وله شاهد من حديث أبي سعيد أخرجه الترمذي والحاكم مرفوعا لو أن دلوا من غساق يهراق إلى الدنيا لأنتن أهل الدنيا وأخرج الطبري من حديث عبد الله بن عمر موقوفا الغساق القيح الغليظ لو أن قطرة منه تهراق بالمغرب لأنتن أهل المشرق قوله وكأن الغساق والغسيق واحد كذا لأبي ذر والغسيق بوزن فعيل ولغيره والغسق بفتحتين قال الطبري في قوله تعالى ومن شر غاسق إذا وقب الغاسق الليل إذا لبس الأشياء وغطاها وإنما أريد بذلك هجومه على الأشياء هجوم السيل وكأن المراد بالآية السائل من الصديد الجامع بين شدة البرد وشدة النتن وبهذا تجتمع الأقوال والله أعلم قوله غسلين كل شيء غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين فعلين من الغسل من الجرح والدبر هو كلام أبي عبيدة في المجاز وقد روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال الغسلين صديد أهل النار والدبر بفتح المهملة والموحدة هو ما يصيب الإبل من الجراحات تنبيه قوله تعالى في هذه الآية ولا طعام إلا من غسلين يعارضه ظاهر قوله تعالى في الآية الأخرى ليس لهم طعام الا من ضريع وجمع بينهما بأن الضريع من الغسلين وهذا يرده ما سيأتي في التفسير أن الضريع نبات وقيل الاختلاف بحسب من يطعم من أهل النار فمن اتصف بالصفة الأولى فطعامه من غسلين ومن اتصف بالثانية فطعامه من ضريع والله أعلم قوله وقال عكرمة حصب جهنم حطب بالحبشية وقال غيره حاصبا الريح العاصف والحاصب ما يرمى