فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا يحتمل أن يريد بقوله خياركم جمع خير ويحتمل أن يريد أفعل التفضيل تقول في الواحد خير وأخير ثم القسمة رباعية فإن الأفضل من جمع بين الشرف في الجاهلية والشرف في الإسلام وكان شرفهم في الجاهلية بالخصال المحمودة من جهة ملائمة الطبع ومنافرته خصوصا بالانتساب إلى الآباء المتصفين بذلك ثم الشرف في الإسلام بالخصال المحمودة شرعا ثم أرفعهم مرتبة من أضاف إلى ذلك التفقه في الدين ومقابل ذلك من كان مشروفا في الجاهلية واستمر مشروفا في الإسلام فهذا أدنى المراتب والقسم الثالث من شرف في الإسلام وفقه ولم يكن شريفا في الجاهلية ودونه من كان كذلك لكن لم يتفقه والقسم الرابع من كان شريفا في الجاهلية ثم صار مشروفا في الإسلام فهذا دون الذي قبله فإن تفقه فهو أعلى رتبة من الشريف الجاهل .
( قوله باب ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة إلى قوله فساء مطر المنذرين ) .
يقال إنه لوط بن هاران بن تارخ وهو بن أخي إبراهيم عليه السلام وقد قص الله تعالى قصته مع قومه في الأعراف وهود والشعراء والنمل والصافات وغيرها وحاصلها أنهم ابتدعوا وطء الذكور فدعاهم لوط إلى التوحيد وإلى الاقلاع عن الفاحشة فأصروا على الامتناع ولم يتفق أن يساعده منهم أحد وكانت مدائنهم تسمى سدوم وهي بغور زغر من البلاد الشامية فلما أراد الله اهلاكهم بعث جبريل وميكائيل وإسرافيل إلى إبراهيم فاستضافوه فكأن ما قص الله في سورة هود ثم توجهوا إلى لوط فاستضافوه فخاف عليهم من قومه وأراد أن يخفى عليهم خبرهم فنمت عليهم امرأته فجاؤوا إليه وعاتبوه على كتمانه أمرهم وظنوا أنهم ظفروا بهم فأهلكهم الله على يد جبريل فقلب مدائنهم بعد أن خرج عنهم لوط بأهل بيته الا امرأته فإنها تأخرت مع قومها أو خرجت مع لوط فادركها العذاب فقلب جبريل المدائن بطرف جناحه فصار عاليها سافلها وصار مكانها بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها ولا بشيء مما حولها .
3195 - قوله يغفر الله للوط أن كان ليأوي إلى ركن شديد أي إلى الله سبحانه وتعالى يشير صلى الله عليه وسلّم إلى قوله تعالى لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ويقال أن قوم لوط لم يكن فيهم أحد يجتمع معه في نسبه لأنهم من سدوم وهي من الشام وكان أصل إبراهيم ولوط من العراق فلما هاجر إبراهيم إلى الشام هاجر معه لوط فبعث الله لوطا إلى أهل سدوم فقال لو أن لي منعة وأقارب وعشيرة لكنت أستنصر بهم عليكم ليدفعوا عن ضيفاني ولهذا جاء في بعض طرق هذا الحديث كما أخرجه أحمدمن طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال قال لوط لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد قال فإنه كان يأوي إلى ركن شديد ولكنه عنى عشيرته فما بعث الله نبيا الا