أي أسرعوا في رواية يوسف ثم أتيت أصحابي أحجل فقلت انطلقوا فبشروا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقوله أحجل هو بمهملة ثم جيم الحجل هو أن يرفع رجلا ويقف على أخرى من العرج وقد يكون بالرجلين معا إلا أنه حينئذ يسمى قفزا لا مشيا ويقال حجل في مشيه إذا مشى مثل المقيد أي قارب خطوه وفي حديث عبد الله بن أنيس قال وتوجهنا من خيبر فكنا نكمن النهار ونسير الليل وإذا كمنا بالنهار أقعدنا منا واحدا يحرسنا فإذا رأى شيئا يخافه أشار إلينا فلما قربنا من المدينة كانت نوبتي فأشرت إليهم فخرجوا سراعا ثم لحقتهم فدخلنا المدينة فقالوا ماذا رأيت قلت ما رأيت شيئا ولكن خشيت أن تكونوا أعييتم فأحببت أن يحملكم الفزع قوله فمسحها فكأنها لم أشتكها قط ووقع في رواية يوسف أنه لما سمع الناعي قال فقمت أمشي ما بي قلبة وهو بفتح القاف واللام والموحدة أي علة انقلب بها وقال الفراء أصل القلاب بكسر القاف داء يصيب البعير فيموت من يومه فقيل لكل من سلم من علة ما به قلبة أي ليست به علة تهلكه وقوله فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلّم فبشرته يحمل على أنه لما سقط من الدرجة وقع له جميع ما تقدم لكنه من شدة ما كان فيه من الاهتمام بالأمر ما أحس بالألم وأعين على المشي أولا وعليه يدل قوله ما بي قلبة ثم لما تمادى عليه المشي أحس بالألم فحمله أصحابه كما وقع في رواية بن إسحاق ثم لما أتى النبي صلى الله عليه وسلّم مسح عليه فزال عنه جميع الألم ببركته صلى الله عليه وسلّم وفي هذا الحديث من الفوائد جواز اغتيال المشرك الذي بلغته الدعوة وأصر وقتل من أعان على رسول الله صلى الله عليه وسلّم بيده أو ماله أو لسانه وجواز التجسيس على أهل الحرب وتطلب غرتهم والأخذ بالشدة في محاربة المشركين وجواز إبهام القول للمصلحة وتعرض القليل من المسلمين للكثير من المشركين والحكم بالدليل والعلامة لاستدلال بن عتيك على أبي رافع بصوته واعتماده على صوت الناعي بموته والله أعلم .
( قوله باب غزوة أحد ) .
سقط لفظ باب من رواية أبي ذر وأحد بضم الهمزة والمهملة جبل معروف بينه وبين المدينة أقل من فرسخ وهو الذي قال فيه صلى الله عليه وسلّم جبل يحبنا ونحبه كما سيأتي في آخر باب من