( قوله باب قوله فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين ) .
قرأ الجمهور أخفى بالتحريك على البناء للمفعول وقرأ حمزة بالإسكان فعلا مضارعا مسندا للمتكلم ويؤيده قراءة بن مسعود نخفي بنون العظمة وقرأها محمد بن كعب أخفى بفتح أوله وفتح الفاء على البناء للفاعل وهو الله ونحوها قراءة الأعمش أخفيت وذكر المصنف في آخر الباب أن أبا هريرة قرأ قرأت أعين بصيغة الجمع وبها قرأ بن مسعود أيضا وأبو الدرداء قال أبو عبيدة ورأيتها في المصحف الذي يقال له الإمام قرة بالهاء على الوحدة وهي قراءة أهل الأمصار .
4501 - قوله يقول الله تعالى أعددت لعبادي ووقع في حديث آخر أن سبب هذا الحديث أن موسى عليه السلام سأل ربه من أعظم أهل الجنة منزلة فقال غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر أخرجه مسلم والترمذي من طريق الشعبي سمعت المغيرة بن شعبة على المنبر يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم أن موسى سأل ربه فذكر الحديث بطوله وفيه هذا وفي آخره قال ومصداق ذلك في كتاب الله فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين قوله ولا خطر على قلب بشر زاد بن مسعود في حديثه ولا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل أخرجه بن أبي حاتم وهو يدفع قول من قال إنما قيل البشر لأنه يخطر بقلوب الملائكة والأولى حمل النفي فيه على عمومه فإنه أعظم في النفس قوله دخرا بضم الدال المهملة وسكون المعجمة منصوب متعلق بأعددت أي جعلت ذلك لهم مدخورا .
4502 - قوله من بله ما أطلعتم عليه قال الخطابي كأنه يقول دع ما أطلعتم عليه فإنه سهل في جنب ما ادخر لهم قلت وهذا لائق بشرح بله بغير تقدم من عليها وأما إذا تقدمت من عليها فقد قيل هي بمعنى كيف ويقال بمعنى أجل ويقال بمعنى غير أو سوى وقيل بمعنى فضل لكن قال الصغاني اتفقت نسخ الصحيح على من بله والصواب إسقاط كلمة من وتعقب بأنه لا يتعين إسقاطها إلا إذا فسرت بمعنى دع وأما إذا فسرت بمعنى من أجل أو من غير أو سوى فلا وقد ثبت في عدة مصنفات خارج الصحيح بإثبات من وأخرجه سعيد بن منصور ومن طريقه بن مردويه من رواية أبي معاوية عن الأعمش كذلك وقال بن مالك المعروف بله اسم فعل بمعنى أترك ناصبا لما يليها بمقتضى المفعولية واستعماله مصدرا بمعنى الترك مضافا إلى ما يليه والفتحه في الأولى بنائية وفي الثانية إعرابية وهو مصدر مهمل الفعل ممنوع الصرف وقال الأخفش بله هنا مصدر كما تقول ضرب زيد وندر دخول من عليها زائدة ووقع في المغني لابن هشام أن بله استعملت معربة مجرورة بمن وإنها بمعنى غير ولم يذكر سواه وفيه نظر لأن بن التين حكى رواية من بله بفتح الهاء مع وجود من فعلى هذا فهي مبنية وما مصدرية وهي وصلتها في موضع رفع على الابتداء والخبر هو الجار والمجرور المتقدم ويكون المراد ببله كيف التي يقصد بها الاستبعاد والمعنى من أين اطلاعكم على هذا القدر الذي تقصر عقول البشر عن الإحاطة به ودخول من على بله إذا كانت بهذا المعنى جائز كما أشار إليه الشريف في شرح