عن أبي كريب عن بن عيينة بهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال كان أهل الجاهلية يقولون إنما يهلكنا الليل والنهار هو الذي يميتنا ويحيينا فقال الله في كتابه وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا الآية قال فيسبون الدهر قال الله تبارك وتعالى يؤذيني بن آدم فذكره قال القرطبي معناه يخاطبني من القول بما يتأذى من يجوز في حقه التأذي والله منزه عن أن يصل إليه الأذى وإنما هذا من التوسع في الكلام والمراد أن من وقع ذلك منه تعرض لسخط الله قوله وإنا الدهر قال الخطابي معناه أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي ينسبونها إلى الدهر فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها وإنما الدهر زمان جعل ظرفا لمواقع الأمور وكانت عادتهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر فقالوا بؤسا للدهر وتبا للدهر وقال النووي قوله أنا الدهر بالرفع في ضبط الأكثرين والمحققين ويقال بالنصب على الظرف أي أنا باق أبدا والموافق لقوله إن الله هو الدهر الرفع وهو مجاز وذلك أن العرب كانوا يسبون الدهر عند الحوادث فقال لا تسبوه فإن فاعلها هو الله فكأنه قال لا تسبوا الفاعل فإنكم إذا سببتموه سببتموني أو الدهر هنا بمعنى الداهر فقد حكى الراغب أن الدهر في قوله إن الله هو الدهر غير الدهر في قوله يسب الدهر قال والدهر الأول الزمان والثاني المدبر المصرف لما يحدث ثم استضعف هذا القول لعدم الدليل عليه ثم قال لو كان كذلك لعد الدهر من أسماء الله تعالى انتهى وكذا قال محمد بن داود محتجا لما ذهب إليه من أنه بفتح الراء فكان يقول لو كان بضمها لكان الدهر من أسماء الله تعالى وتعقب بأن ذلك ليس بلازم ولا سيما مع روايته فإن الله هو الدهر قال بن الجوزي يصوب ضم الراء من أوجه أحدها أن المضبوط عند المحدثين بالضم ثانيها لو كان بالنصب يصير التقدير فأنا الدهر أقلبه فلا تكون علة النهي عن سبه مذكورة لأنه تعالى يقلب الخير والشر فلا يستلزم ذلك منع الذم ثالثها الرواية التي فيها فإن الله هو الدهر انتهى وهذه الأخيرة لا تعين الرفع لأن للمخالف أن يقول التقدير فإن الله هو الدهر يقلب فترجع للرواية الأخرى وكذا ترك ذكر علة النهي لا يعين الرفع لأنها تعرف من السياق أي لا ذنب له فلا تسبوه .
( قوله سورة حم الأحقاف بسم الله الرحمن الرحيم ) .
سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله وقال بعضهم أثره وأثرة وأثاره بقية من علم قال أبو عبيدة في قوله أو أثارة من علم أي بقية من علم ومن قال أثرة أي بفتحتين فهو مصدر أثره يأثره فذكره قال الطبري قرأ الجمهور أو أثارة بالألف وعن أبي عبد الرحمن السلمي أو أثرة بمعنى أو خاصة من علم أوتيتموه وأوثرتم به على غيركم قلت وبهذا فسره الحسن وقتادة