تحصيل هذا المطلوب من تصحيحه ومعلوم أن الحلال المأذون فيه ليس كالحرام الممنوع منه ثم أطال من هذا الجنس بمعارضات كثيرة لا تنهض مع التنصيص على صريح الأمر بالرجعة فإنها فرع وقوع الطلاق على تصريح صاحب القصة بأنها حسبت عليه تطليقة والقياس في معارضة النص فاسد الاعتبار والله أعلم وقد عورض بقياس أحسن من قياسه فقال بن عبد البر ليس الطلاق من أعمال البر التي يتقرب بها وإنما هو إزالة عصمة فيها حق ادمي فكيفما اوقعه وقع سواء أجر في ذلك أم إثم ولو لزم المطيع ولم يلزم العاصي لكان العاصي أخف حالا من المطيع ثم قال بن القيم لم يرد التصريح بان بن عمر احتسب بتلك التطليقة الا في رواية سعيد بن جبير عنه عند البخاري وليس فيها تصريح بالرفع قال فانفراد سعيد بن جبير بذلك كانفراد أبي الزبير بقوله لم يرها شيئا فأما أن يتساقطا وأما أن ترجح رواية أبي الزبير لتصريحها بالرفع وتحمل رواية سعيد بن جبير على أن أباه هو الذي حسبها عليه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلّم في الوقت الذي ألزم الناس فيه بالطلاق الثلاث بعد أن كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم لا يحتسب عليهم به ثلاثا إذا كان بلفظ واحد قلت وغفل C عما ثبت في صحيح مسلم من رواية أنس بن سيرين على وفاق ما روى سعيد بن جبير وفي سياقه ما يشعر بأنه إنما راجعها في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم ولفظه سألت بن عمر عن امرأته التي طلق فقال طلقتها وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلّم فقال مرة فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها لطهرها قال فراجعتها ثم طلقتها لطهرها قلت فاعتددت بتلك التطليقة وهي حائض فقال مالي لا اعتد بها وأن كنت عجزت واستحمقت وعند مسلم أيضا من طريق بن أخي بن شهاب عن عمه عن سالم في حديث الباب وكان عبد الله بن عمر طلقها تطليقة فحسبت من طلاقها فراجعها كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلّم وله من رواية الزبيدي عن بن شهاب قال بن عمر فراجعتها وحسبت لها التطليقة التي طلقتها وعند الشافعي عن مسلم بن خالد عن بن جريج إنهم أرسلوا إلى نافع يسألونه هل حسبت تطليقة بن عمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم فقال نعم وفي حديث بن عمر من الفوائد غير ما تقدم أن الرجعة يستقل بها الزوج دون الولي ورضا المرأة لأنه جعل ذلك إليه دون غيره وهو كقوله تعالى وبعولتهن أحق بردهن في ذلك وفيه أن الأب يقوم عن ابنه البالغ الرشيد في الأمور التي تقع له مما يحتشم الابن من ذكره ويتلقى عنه ما لعله يلحقه من العتاب على فعله شفقة منه وبرا وفيه أن طلاق الطاهرة لا يكره لأنه أنكر ايقاعه في الحيض لا في غيره ولقوله في آخر الحديث فإن شاء أمسك وأن شاء طلق وفيه أن الحامل لا تحيض لقوله في طريق سالم المتقدمة ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا فحرم صلى الله عليه وسلّم الطلاق في زمن الحيض واباحه في زمن الحمل فدل على إنهما لا يجتمعان وأجيب بأن حيض الحامل لما لم يكن له تأثير في تطويل العدة ولا تخفيفها لأنها بوضع الحمل فأباح الشارع طلاقها حاملا مطلقا وأما غير الحامل ففرق بين الحائض والطاهر لأن الحيض يؤثر في العدة فالفرق بين الحامل وغيرها إنما هو بسبب الحمل لا بسبب الحيض ولا الطهر وفيه أن الإقراء في العدة هي الاطهار وسيأتي تقرير ذلك في كتاب العدة وفيه تحريم الطلاق في طهر جامعها فيه وبه قال الجمهور وقال المالكية لا يحرم وفي رواية كالجمهور ورجحها الفاكهاني لكونه شرط في الإذن في الطلاق عدم المسيس والمعلق بشرط معدوم عند عدمه