على نفسه الآية فقال بن عباس أن إسرائيل كان به عرق النسا فجعل على نفسه أن شفاه الله أن لا يأكل العروق من كل شيء وليست بحرام يعني على هذه الأمة وقد اختلف العلماء فيمن حرم على نفسه شيئا فقال الشافعي أن حرم زوجته أو أمته ولم يقصد الطلاق ولا الظهار ولا العتق فعليه كفارة يمين وأن حرم طعاما أو شرابا فلغو وقال أحمد عليه في الجميع كفارة يمين وتقدم بيان بقية الاختلاف في الباب الذي قبله قال البيهقي بعد أن أخرج الحديث الذي أخرجه الترمذي وبن ماجة بسند رجاله ثقات من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت ألى النبي صلى الله عليه وسلّم من نسائه وحرم فجعل الحرام حلالا وجعل في اليمين كفارة قال فإن في هذا الخبر تقوية لقول من قال أن لفظ الحرام لا يكون بإطلاقه طلاقا ولا ظهارا ولا يمينا قوله وقال الليث عن نافع قال كان بن عمر إذا سئل عمن طلق ثلاثا قال لو طلقت مرة أو مرتين فإن النبي صلى الله عليه وسلّم أمرني بهذا فإن طلقتها ثلاثا حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك كذا للأكثر وفي رواية الكشميهني فإن طلقها وحرمت عليه بضمير الغائب في الموضعين وهذا الحديث مختصر من قصة تطليق بن عمر امرأته وقد سبق شرحه في أول الطلاق وظن بن التين أن هذا جملة الخبر فاستشكل على مذهب مالك قولهم أن الجمع بين تطليقتين بدعة قال والنبي صلى الله عليه وسلّم لا يأمر بالبدعة وجوابه أن الإشارة في قول بن عمر فإن النبي صلى الله عليه وسلّم أمرني بذلك إلى ما أمره من ارتجاع امرأته في آخر الحديث ولم يرد بن عمر أنه أمره أن يطلق امرأته مرة أو مرتين وإنما هو كلام بن عمر ففصل لسائله حال المطلق وقد روينا الحديث المذكور من طريق الليث التي علقها البخاري مطولا موصولا عاليا في جزء أبي الجهم العلاء بن موسى الباهلي رواية أبي القاسم البغوي عنه عن الليث وفي أوله قصة بن عمر في طلاق امرأته وبعده قال نافع وكان بن عمر الخ وأخرج مسلم الحديث من طريق الليث لكن ليس بتمامه وقال الكرماني قوله لو طلقت جزاؤه محذوف تقديره لكان خيرا أو هو للتمني فلا يحتاج إلى جواب وليس كما قال بل الجواب لكان لك الرجعة لقوله فإن النبي صلى الله عليه وسلّم أمرني بهذا والتقدير فإن كان في طهر لم يجامعها فيه كان طلاق سنة وأن وقع في الحيض كان طلاق بدعة ومطلق البدعة ينبغي أن يبادر إلى الرجعة ولهذا قال فإن النبي صلى الله عليه وسلّم أمرني بهذا أي بالمراجعة لما طلقت الحائض وقسيم ذلك قوله وأن طلقت ثلاثا وكأن بن عمر الحق الجمع بين المرتين بالواحدة فسوى بينهما وإلا فالذي وقع منه إنما هو واحدة كما تقدم بيانه صريحا هناك وأراد البخاري بإيراد هذا هنا الاستشهاد بقول بن عمر حرمت عليك فسماها حراما بالتطليق ثلاثا كأنه يريد أنها لا تصير حراما بمجرد قوله أنت علي حرام حتى يريد به الطلاق أو يطلقها بائنا وخفي هذا على الشيخ مغلطاي ومن تبعه فنفوا مناسبة هذا الحديث للترجمة ولكن عرج شيخنا بن الملقن تلويحا على شيء مما أشرت إليه ثم ذكر المصنف حديث عائشة في قصة امرأة رفاعة لقوله فيه لا تحلين لزوجك الأول حتى يذوق الآخر عسيلتك وسيأتي شرحه قريبا وقوله في هذه الرواية فلم يقربني الا هنة واحدة هو بلفظ حرف الاستثناء والتي بعده بفتح الهاء وتخفيف النون وحكى الهروي تشديدها وقد أنكره الأزهري قبله وقال الخليل هي كلمة يكنى بها عن الشيء يستحيا من ذكره باسمه قال بن التين معناه لم يطأني الا مرة واحدة يقال هن امرأته إذا غشيها ونقل الكرماني أنه في أكثر النسخ بموحدة ثقيلة أي مرة والذي ذكر صاحب المشارق أن الذي رواه بالموحدة هو بن السكن قال وعند الكافة بالنون وحكى في معنى هبة بالموحدة ما تقدم وهو أن المراد بها مرة واحدة