أن من باع سلعة لا يملكها ثم دخلت في ملكه لم يلزم ذلك البيع ولو قال لامرأته أن طلقتك فقد راجعتك فطلقها لا تكون مرتجعة فكذلك الطلاق ومما احتج به من أوقع الطلاق قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اوفوا بالعقود قال والتعليق عقد التزمه بقوله وربطه بنيته وعلقه بشرطه فإن وجد الشرط نفذ واحتج اخر بقوله تعالى يوفون بالنذر وآخر بمشروعية الوصية وكل ذلك لا حجة فيه لأن الطلاق ليس من العقود والنذر يتقرب به إلى الله بخلاف الطلاق فإنه أبغض الحلال إلى الله ومن ثم فرق أحمد بين تعليق العتق وتعليق الطلاق فأوقعه في العتق دون الطلاق ويؤيده أن من قال لله على عتق لزمه ولو قال لله علي طلاق كان لغوا والوصية إنما تنفذ بعد الموت ولو علق الحي الطلاق بما بعد الموت لم ينفذ واحتج بعضهم بصحة تعليق الطلاق وأن من قال لامرأته أن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت طلقت والجواب أن الطلاق حق ملك الزوج فله أن ينجزه ويؤجله وأن يعلقه بشرط وأن يجعله بيد غيره كما يتصرف المالك في ملكه فإذا لم يكن زوجا فأي شيء ملك حتى يتصرف وقال بن العربي من المالكية الأصل في الطلاق أن يكون في المنكوحة المقيدة بقيد النكاح وهو الذي يقتضيه مطلق اللفظ لكن الورع يقتضي التوقف عن المرأة التي يقال فيها ذلك وأن كان الأصل تجويزه والغاء التعليق قال ونظر مالك ومن قال بقوله في مسألة الفرق بين المعينة وغيرها أنه إذا عم سد على نفسه باب النكاح الذي ندب الله إليه فعارض عنده المشروع فسقط قال وهذا على أصل مختلف فيه وهو تخصيص الأدلة بالمصالح وإلا فلو كان هذا لازما في الخصوص للزم في العموم والله أعلم .
( قوله باب إذا قال لامرأته وهو مكره هذه أختي فلا شيء عليه ) .
قال النبي صلى الله عليه وسلّم قال إبراهيم لسارة هذه أختي وذلك في ذات الله قال بن بطال أراد بذلك رد من كره أن يقول لامرأته يا أختي وقد روى عبد الرزاق من طريق أبي تميمة الهجيمي مر النبي صلى الله عليه وسلّم على رجل وهو يقول لامرأته يا آخية فزجره قال بن بطال ومن ثم قال جماعة من العلماء يصير بذلك مظاهرا إذا قصد ذلك فأرشده النبي صلى الله عليه وسلّم إلى اجتناب اللفظ المشكل قال وليس بين هذا الحديث وبين قصة إبراهيم معارضة لأن إبراهيم إنما أراد بها أخته في الدين فمن قال ذلك ونوى إخوة الدين لم يضره قلت حديث أبي تميمة مرسل وقداخرجه أبو داود من طرق مرسلة وفي بعضها عن أبي تميمة عن رجل من قومه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلّم وهذا متصل وذكر أبو داود قبله حديث أبي هريرة في قصة إبراهيم وسارة فكأنه وافق البخاري وقد قيد البخاري بكون قائل ذلك إذا كان مكرها لم يضره وتعقبه بعض الشراح بأنه لم يقع في قصة إبراهيم اكراه وهو كذلك لكن لا تعقب على البخاري لأنه أراد بذكر قصة إبراهيم الاستدلال على أن من قال ذلك في حالة الإكراه لا يضره قياسا على ما وقع في قصة إبراهيم لأنه إنما قال ذلك خوفا من الملك أن يغلبه على سارة وكان من شأنهم أن لا يقربوا الخلية الا بخطبة ورضا بخلاف المتزوجة فكانوا يغتصبونها من زوجها إذا أحبوا ذلك كما تقدم تقريره في الكلام على الحديث في المناقب فلخوف إبراهيم على سارة قال أنها أخته وتأول إخوة الدين والله أعلم تنبيه أورد النسفي في هذا الباب جميع ما في الترجمة