سبب بقاء نفسه البقاء الأبدي في النعيم السرمدي وعلم أن نفعه بذلك أعظم من جميع وجوه الانتفاعات فاستحق لذلك أن يكون حظه من محبته اوفر من غيره لأن النفع الذي يثير المحبة حاصل منه أكثر من غيره ولكن الناس يتفاوتون في ذلك بحسب استحضار ذلك والغفلة عنه ولا شك أن حظ الصحابة Bهم من هذا المعنى أتم لأن هذا ثمرة المعرفة وهم بها أعلم والله الموفق وقال القرطبي كل من أمن بالنبي صلى الله عليه وسلّم إيمانا صحيحا لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة غير إنهم متفاوتون فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الاوفى ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى كمن كان مستغرقا في الشهوات محجوبا في الغفلات في أكثر الأوقات لكن الكثير منهم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلّم أشتاق إلى رؤيته بحيث يؤثرها على أهله وولده وماله ووالده ويبذل نفسه في الأمور الخطيرة ويجد مخبر ذلك من نفسه وجدانا لاتردد فيه وقد شوهد من هذا الجنس من يؤثر زيارة قبره ورؤية مواضع اثاره على جميع ما ذكر لما وقر في قلوبهم من محبته غير أن ذلك سريع الزوال بتوالي الغفلات والله المستعان انتهى ملخصا .
( قوله باب حلاوة الإيمان ) .
مقصود الصنف أن الحلاوة من ثمرات الإيمان ولما قدم أن محبة الرسول من الإيمان أردفه بما يوجد حلاوة ذلك .
16 - قوله حدثنا محمد بن المثنى هو أبو موسى العنزي بفتح النون بعدها زاي قال حدثنا عبد الوهاب هو بن عبد المجيد حدثنا أيوب هو بن أبي تميمه السختياني بفتح السين المهمله على الصحيح وحكى ضمها وكسرها عن أبي قلابة بكسر القاف وبباء موحدة قوله ثلاث هو مبتدأ والجملة الخبر وجاز الابتداء بالنكرة لأن التنوين عوض المضاف إليه فالتقدير ثلاث خصال ويحتمل في اعرابه غير ذلك قوله كن أي حصلن فهي تامة وفي قوله حلاوة الإيمان استعارة تخييلية شبه رغبة المؤمن في الإيمان بشيء حلو وأثبت له لازم ذلك الشيء واضافه إليه وفيه تلميح إلى قصة المريض والصحيح لأن المريض الصفراوي يجد طعم العسل مرا والصحيح يذوق حلاوته على ما هي عليه وكلما نقصت الصحة شيئا ما نقص ذوقه بقدر ذلك فكانت هذه الاستعارة من أوضح ما يقوي استدلال المصنف على الزيادة والنقص قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة إنما عبر بالحلاوة لأن الله شبة الإيمان بالشجرة في قوله تعالى مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة فالكلمة هي كلمة الإخلاص والشجرة أصل الإيمان واغصانها أتباع الأمر واجتناب النهي وورقها ما يهتم به المؤمن من الخير وثمرها عمل الطاعات وحلاوة الثمر جني الثمرة وغاية كماله تناهى نضج الثمرة وبه تظهر حلاوتها قوله احب إليه منصوب لأنه خبر يكون قال البيضاوي المراد بالحب هنا الحب العقلي الذي هو إيثار ما يقتضي العقل السليم رجحانه وإن كان على خلاف هوى النفس كالمريض يعاف الدواء بطبعه فينفر عنه ويميل إليه بمقتضى عقله فيهوى تناوله فإذا تأمل المرء أن الشارع لا يأمر ولا ينهى الا بما فيه صلاح عاجل أو خلاص آجل والعقل يقتضي رجحان