وقع من قاذفه وفيه أن الحامل تلاعن قبل الوضع لقوله في الحديث انظروا فإن جاءت به الخ كما تقدم في حديث سهل وفي حديث بن عباس وعند مسلم من حديث بن مسعود فجاء يعني الرجل هو وامرأته فتلاعنا فقال النبي صلى الله عليه وسلّم لعلها أن تجيء به أسود جعدا فجاءت به أسود جعدا وبه قال الجمهور خلافا لمن أبي ذلك من أهل الرأي معتلا بأن الحمل لا يعلم لأنه قد يكون نفخة وحجة الجمهور أن اللعان شرع لدفع حد القذف عن الرجل ودفع حد الرجم عن المرأة فلا فرق بين أن تكون حاملا أو حائلا ولذلك يشرع اللعان مع الايسة وقد اختلف في الصغيرة فالجمهور على أن الرجل إذا قذفها فله أن يلتعن لدفع حد القذف عنه دونها واستدل به على أن لا كفارة في اليمين الغموس لأنها لو وجبت لبينت في هذه القصة وتعقب بأنه لم يتعين الحانث وأجيب بأنه لو كان واجبا لبينه مجملا بأن يقول مثلا فليكفر الحانث منكما عن يمينه كما ارشد أحدهما إلى التوبة وفي قوله عليه السلام البينة وإلا حد في ظهرك دلالة على أن القاذف لو عجز عن البينة فطلب تحليف المقذوف لا يجاب لأن الحصر المذكور لم يتغير منه الا زيادة مشروعية اللعان وفيه جواز ذكر الأوصاف المذمومة عند الضرورة الداعية إلى ذلك ولا يكون ذلك من الغيبة المحرمة واستدل به على أن اللعان لا يشرع الا لمن ليست له بينة وفيه نظر لأنه لو استطاع إقامة البينة علي زناها ساغ له ان يلاعنها لنفي الولد لأنه لا ينحصر في الزنا وبه قال مالك والشافعي ومن تبعهما وفيه أن الحكم يتعلق بالظاهر وأمر السرائر موكول إلى الله تعالى قال بن التين وبه احتج الشافعي على قبول توبة الزنديق وفيه نظر لأن الحكم يتعلق بالظاهر فيما لا يتعلق فيه حكم للباطن والزنديق قد علم باطنه بما تقدم فلا يقبل منه ظاهر ما يبديه بعد ذلك كذا قال وحجة الشافعي ظاهرة لأنه صلى الله عليه وسلّم قد تحقق أن أحدهما كاذب وكان قادرا على الاطلاع على عين الكاذب لكن أخبر أن الحكم بظاهر الشرع يقتضي أنه لا ينقب عن البواطن وقد لاحت القرائن بتعيين الكاذب في المتلاعنين ومع ذلك فأجراهما على حكم الظاهر ولم يعاقب المرأة ويستفاد منه أن الحاكم لا يكتفى بالمظنة والإشارة في الحدود إذا خالفت الحكم الظاهر كيمين المدعى عليه إذا أنكر ولا بينة واستدل به الشافعي على إبطال الاستحسان لقوله لولا الإيمان لكان لي ولها شأن وفيه أن الحاكم إذا بذل وسعه واستوفى الشرائط لا ينقض حكمة الا أن ظهر عليه اخلال شرط أو تفريط في سبب وفيه أن اللعان يشرع في كل امرأة دخل بها أو لم يدخل ونقل فيه بن المنذر الإجماع وفي صداق غير المدخول بها خلاف للحنابلة تقدمت الإشارة إليه في بابه فلو نكح فاسدا أو طلق بائنا فولدت فأراد نفي الولد فله الملاعنة وقال أبو حنيفة يلحقه الولد ولا نفي ولا لعان لأنها أجنبية وكذا لو قذفها ثم ابانها بثلاث فله اللعان وقال أبو حنيفة لا وقد أخرج بن أبي شيبة عن هشيم عن مغيرة قال الشعبي إذا طلقها ثلاثا فوضعت فانتفى منه فله أن يلاعن فقال له الحارث أن الله يقول والذين يرمون ازواجهم افتراها له زوجة فقال الشعبي إني لاستحي من الله إذا رأيت الحق أن لا ارجع إليه فلو التعن ثلاث مرات فقط فالتعنت المرأة مثله ففرق الحاكم بينهما لم تقع الفرقة عند الجمهور لأن ظاهر القرآن أن الحد وجب عليهما وأنه لا يندفع الا بما ذكر فيتعين الإتيان بجميعه وقال أبو حنيفة أخطأ السنة وتحصل الفرقة لأنه أتى بالأكثر فتعلق به الحكم واستدل به على أن الالتعان ينتفى به الحمل خلافا لأبي حنيفة ورواية عن أحمد لقوله انظروا فإن جاءت به الخ فإن الحديث ظاهر في أنها كانت حاملا وقد الحق الولد مع ذلك بأمه وفيه جواز الحلف على ما يغلب على الظن ويكون المستند