من العصام وهو الخيط الذي يشد به فم القربه ليمنع سيلان الماء قوله وحسابهم على الله أي في أمر سرائرهم ولفظة على مشعرة بالإيجاب وظاهرها غير مراد فأما أن تكون بمعنى اللام أو على سبيل التشبيه أي هو كالواجب على الله في تحقق الوقوع وفيه دليل على قبول الأعمال الظاهرة والحكم بما يقتضيه الظاهر والاكتفاء في قبول الإيمان بالاعتقاد الجازم خلافا لمن أوجب تعلم الادله وقد تقدم ما فيه ويؤخذ منه ترك تكفير أهل البدع المقرين بالتوحيد الملتزمين للشرائع وقبول توبة الكافر من كفره من غير تفصيل بين كفر ظاهر أو باطن فإن قيل مقتضى الحديث قتال كل من أمتنع من التوحيد فكيف ترك قتال مؤدي الجزيه والمعاهد فالجواب من أوجه أحدها دعوى النسخ بان يكون الإذن بأخذ الجزية والمعاهدة متأخرا عن هذه الأحاديث بدليل أنه متاخر عن قوله تعالى اقتلوا المشركين ثانيها أن يكون من العام الذي خص منه البعض لأن المقصود من الأمر حصول المطلوب فإذا تخلف البعض لدليل لم يقدح في العموم ثالثها أن يكون من العام الذي أريد به الخاص فيكون المراد بالناس في قوله أقاتل الناس أي المشركين من غير أهل الكتاب ويدل عليه رواية النسائي بلفظ أمرت أن أقاتل المشركين فإن قيل إذا تم هذا في أهل الجزية لم يتم في المعاهدين ولا فيمن منع الجزية أجيب بان الممتنع في ترك المقاتلة رفعها لا تاخيرها مدة كما في الهدنه ومقاتلة من أمتنع من أداء الجزيه بدليل الآية رابعها أن يكون المراد بما ذكر من الشهادة وغيرها التعبير عن اعلاء كلمة الله وإذعان المخالفين فيحصل في بعض بالقتل وفي بعض بالجزية وفي بعض بالمعاهده خامسها أن يكون المراد بالقتال هو أو ما يقوم مقامه من جزية أو غيرها سادسها أن يقال الغرض من ضرب الجزيه اضطرارهم إلى الإسلام وسبب السبب سبب فكأنه قال حتى يسلموا أو يلتزموا ما يؤديهم إلى الإسلام وهذا أحسن ويأتي فيه ما في الثالث وهو آخر الاجوبه والله أعلم .
( قوله باب من قال هو مضاف حتما قوله ان الإيمان هو العمل مطابقة الآيات والحديث لما ترجم له بالاستدلال بالمجموع على المجموع لأن كل واحد منها دال بمفرده على بعض الدعوى فقوله بما كنتم تعملون عام في الأعمال وقد نقل جماعة من المفسرين أن قوله هنا تعملون معناه تؤمنون فيكون خاصا وقوله عما كانوا يعملون خاص بعمل اللسان على ما نقل المؤلف وقوله فليعمل العاملون عام أيضا وقوله في الحديث إيمان بالله في جواب أي العمل أفضل دال على أن الاعتقاد والنطق من جملة الأعمال فإن قيل الحديث يدل على أن الجهاد والحج ليسا من الإيمان لما تقتضيه ثم من المغايرة والترتيب فالجواب أن المراد بالإيمان هنا التصديق هذه حقيقته والإيمان كما تقدم يطلق على الأعمال البدنيه لأنها من مكملاته قوله اورثتموها )