في رواية منصور عن الشعبي كما مضى في العيدين وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب فأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي ويظهر لي أن بهذه الرواية يحصل الجمع بين الروايتين المتقدمتين وأن وصفه اللحم بكونه مشتهى وبكونه مكروها لا تناقض فيه وإنما هو باعتبارين فمن حيث أن العادة جرت فيه بالذبائح فالنفس تتشوق له يكون مشتهى ومن حيث توارد الجميع عليه حتى يكثر يصير ممولا فاطلقت عليه الكراهة لذلك فحيث وصفه بكونه مشتهى أراد ابتداء حاله وحيث وصفه بكونه مكروها أراد انتهاءه ومن ثم استعجل بالذبح ليفوز بتحصيل الصفة الأولى عند أهله وجيرانه ووقع في رواية فراس عن الشعبي عند مسلم فقال خالي يا رسول الله قد نسكت عن بن لي وقد استشكل هذا وظهر لي أن مراده أنه ضحى لأجله للمعنى الذي ذكره في أهله وجيرانه فخص ولده بالذكر لأنه أخص بذلك عنده حتى يستغنى ولده بما عنده عن التشوف إلى ما عند غيره قوله وذكر جيرانه في رواية عاصم عند مسلم وإني عجلت فيه نسيكتي لأطعم أهلي وجيراني وأهل داري قوله فلا أدري أبلغت الرخصة من سواه أم لا قد وقع في حديث البراء اختصاصه بذلك كما سيأتي بعد أبواب ويأتي البحث فيه كأن أنسا لم يسمع ذلك وقد روى بن عون عن الشعبي حديث البراء وعن بن سيرين حديث أنس فكان إذا حدث حديث البراء يقف عند قوله ولن تجزى عن أحد بعدك ويحدث بقول أنس لا أدري أبلغت الرخصة غيره أم لا ولعله استشكل الخصوصية بذلك لما جاء من ثبوت ذلك لغير أبي بردة كما سيأتي بيانه قريبا قوله ثم انكفأ مهموز أي مال يقال كفأت الإناء إذا أملته والمراد أنه رجع عن مكان الخطبة إلى مكان الذبح قوله وقام الناس كذا هنا وفي الرواية الآتية في باب من ذبح قبل الصلاة أعاد فتمسك به بن التين في أن من ذبح قبل الإمام لا يجزئه وسيأتي البحث فيه قوله إلى غنيمة بغين معجمة ونون مصغر فتوزعوها أو قال فتجزعوها شك من الراوي والأول بالزاي من التوزيع وهو التفرقة أي تفرقوها والثاني بالجيم والزاي أيضا من الجزع وهو القطع أي اقتسموها حصصا وليس المراد أنهم اقتسموها بعد الذبح فأخذ كل واحد قطعة من اللحم وإنما المراد أخذ حصة من الغنم والقطعة تطلق على الحصة من كل شيء فبهذا التقرير يكون المعنى واحدا وإن كان ظاهره في الأصل الاختلاف