عامر العقدي عن همام وقد تعلق به من قال بأن ذكر ماء زمزم ليس قيدا لشك راوية فيه وممن ذهب إلى ذلك بن القيم وتعقب بأنه وقع في رواية أحمد عن عفان عن همام فأبردوها بماء زمزم ولم يشك وكذا أخرجه النسائي وبن حبان والحاكم من رواية عفان وأن كان الحاكم وهم في استدراكه وترجم له بن حبان بعد إيراده حديث بن عمر فقال ذكر الخبر المفسر للماء المجمل في الحديث الذي قبله وهو أن شدة الحمى تبرد بماء زمزم دون غيره من المياه وساق حديث بن عباس وقد تعقب على تقدير أن لا شك في ذكر ماء زمزم فيه بأن الخطاب لأهل مكة خاصة لتيسر ماء زمزم عندهم كما خص الخطاب بأصل الأمر بأهل البلاد الحارة وخفي ذلك على بعض الناس قال الخطابي ومن تبعه اعترض بعض سخفاء الأطباء على هذا الحديث بأن قال اغتسال المحموم بالماء خطر يقربه من الهلاك لأنه يجمع المسام ويحقن البخار ويعكس الحرارة إلى داخل الجسم فيكون ذلك سببا للتلف قال الخطابي غلط بعض من ينسب إلى العلم فانغمس في الماء لما أصابته الحمى فاحتقنت الحرارة في باطن بدنه فأصابته علة صعبة كادت تهلكه فلما خرج من علته قال قولا سيئا لا يحسن ذكره وإنما أوقعه في ذلك جهله بمعنى الحديث والجواب أن هذا الإشكال صدر عن صدر مرتاب في صدق الخبر فيقال له أولا من أين حملت الأمر على الاغتسال وليس في الحديث الصحيح بيان الكيفية فضلا عن اختصاصها بالغسل وإنما في الحديث الإرشاد إلى تبريد الحمى بالماء فإن أظهر الوجود أو اقتضت صناعة الطب أن انغماس كل محموم في الماء أو صبه إياه على جميع بدنه يضره فليس هو المراد وإنما قصد صلى الله عليه وسلّم استعمال الماء على وجه ينفع فليبحث عن ذلك الوجه ليحصل الانتفاع به وهو كما وقع في أمره العائن بالاغتسال وأطلق وقد ظهر من الحديث الآخر أنه لم يرد مطلق الاغتسال وإنما أراد الاغتسال على كيفية مخصوصة وأولى ما يحمل عليه كيفية تبريد الحمى ما صنعته أسماء بنت الصديق فإنها كانت ترش على بدن المحموم شيئا من الماء بين يديه وثوبه فيكون ذلك من باب النشرة المأذون فيها والصحابي ولا سيما مثل أسماء التي هي ممن كان يلازم بيت النبي صلى الله عليه وسلّم أعلم بالمراد من غيرها ولعل هذا هو السر في إيراد البخاري لحديثها عقب حديث بن عمر المذكور وهذا من بديع ترتيبه وقال المازري ولا شك أن علم الطب من أكثر العلوم احتياجا إلى التفصيل حتى أن المريض يكون الشيء دواءه في ساعة ثم يصير داء له في الساعة التي تليها لعارض يعرض له من غضب يحمى مزاجه مثلا فيتغير علاجه ومثل ذلك كثير فإذا فرض وجود الشفاء لشخص بشيء في حالة ما لم يلزم منه وجود الشفاء به له أو لغيره في سائر الأحوال والأطباء مجمعون على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السن والزمان والعادة والغذاء المتقدم والتأثير المألوف وقوة الطباع ثم ذكر نحو ما تقدم قالوا وعلى تقدير أن يرد التصريح بالاغتسال في جميع الجسد فيجاب بأنه يحتمل أن يكون أراد أنه يقع بعد إقلاع الحمى وهو بعيد ويحتمل أن يكون في وقت مخصوص بعدد مخصوص فيكون من الخواص التي اطلع صلى الله عليه وسلّم عليها بالوحي ويضمحل عند ذلك جميع كلام أهل الطب وقد أخرج الترمذي من حديث ثوبان مرفوعا إذا أصاب أحدكم الحمى وهي قطعة من النار فليطفئها عنه بالماء يستنقع في نهر جار ويستقبل جريته وليقل بسم الله اللهم اشف عبدك وصدق رسولك بعد صلاة الصبح قبل طلوع الشمس ولينغمس فيه ثلاث غمسات ثلاثة أيام فإن لم يبرأ فخمس وإلا فسبع وإلا فتسع فإنها لا تكاد تجاوز تسعا بإذن الله قال الترمذي غريب قلت وفي سنده سعيد بن زرعة مختلف فيه قال ويحتمل أن يكون لبعض