من يتوهم تفرد حبان بن هلال به فيظن أنه لم يروه غيرهما ولم يرد البخاري ذلك وإنما أراد إزالة توهم التفرد به فقط ولم يرد الحصر فيهما والله أعلم .
( قوله باب الرقي ) .
بضم الراء وبالقاف مقصور جمع رقية بسكون القاف يقال رقي بالفتح في الماضي يرقى بالكسر في المستقبل ورقيت فلانا بكسر القاف أرقيه واسترقى طلب الرقية والجمع بغير همز وهو بمعنى التعويذ بالذال المعجمة قوله بالقرآن والمعوذات هو من عطف الخاص على العام لأن المراد بالمعوذات سورة الفلق والناس والإخلاص كما تقدم في أواخر التفسير فيكون من باب التغليب أو المراد الفلق والناس وكل ما ورد من التعويذ في القرآن كقوله تعالى وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم وغير ذلك والأول أولى فقد أخرج أحمد وأبو داود والنسائي وصححه بن حبان والحاكم من رواية عبد الرحمن بن حرملة عن بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يكره عشر خصال فذكر فيها الرقي إلا بالمعوذات وعبد الرحمن بن حرملة قال البخاري لا يصح حديثه وقال الطبري لا يحتج بهذا الخبر لجهالة راوية وعلى تقدير صحته فهو منسوخ بالاذن في الرقية بفاتحة الكتاب وأشار المهلب إلى الجواب عن ذلك بأن في الفاتحة معنى الاستعاذة وهو الاستعانة فعلى هذا يختص الجواز بما يشتمل على هذا المعنى وقد أخرج الترمذي وحسنه والنسائي من حديث أبي سعيد كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذات فأخذ بها وترك ما سواها وهذا لا يدل على المنع من التعوذ بغير هاتين السورتين بل يدل على الأولوية ولا سيما مع ثبوت التعوذ بغيرهما وإنما اجتزأ بهما لما اشتملتا عليه من جوامع الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا وقد أجمع العلماء على جواز الرقي عند اجتماع ثلاثة شروط أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى واختلفوا في كونها شرطا والراجح أنه لا بد من اعتبار الشروط المذكورة ففي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك قال كنا نرقى في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك فقال اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك وله من حديث جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الرقي فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقى بها من العقرب قال فعرضوا عليه فقال ما أرى بأسا من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه وقد تمسك قوم بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها ولو لم يعقل معناها لكن دل حديث عوف أنه مهما كان من الرقي يؤدي إلى الشرك يمنع وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك فيمتنع احتياطا والشرط الآخر