يوم القيامة إشارة إلى أنه محل الرحمة المستمرة بخلاف رحمة الدنيا فإنها قد تنقطع بما يتجدد من الحوادث ويؤيد ما ذكر من حمل النظر على الرحمة أو المقت ما أخرجه الطبراني وأصله في أبي داود من حديث أبي جرى أن رجلا ممن كان قبلكم لبس بردة فتبختر فيها فنظر الله إليه فمقته فأمر الأرض فأخذته الحديث قوله من يتناول الرجال والنساء في الوعيد المذكور على هذا الفعل المخصوص وقد فهمت ذلك أم سلمة Bها فأخرج النسائي والترمذي وصححه من طريق أيوب عن نافع عن بن عمر متصلا بحديثه المذكور في الباب الأول فقالت أم سلمة فكيف تصنع النساء بذيولهن فقال يرخين شبرا فقالت إذا تنكشف أقدامهن قال فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه لفظ الترمذي وقد عزا بعضهم هذه الزيادة لمسلم فوهم فإنها ليست عنده وكأن مسلما أعرض عن هذه الزيادة للاختلاف فيها على نافع فقد أخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما من طريق عبيد الله بن عمر عن سليمان بن يسار عن أم سلمة وأخرجه أبو داود من طريق أبي بكر بن نافع والنسائي من طريق أيوب بن موسى ومحمد بن إسحاق ثلاثتهم عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن أم سلمة وأخرجه النسائي من رواية يحيى بن أبي كثير عن نافع عن أم سلمة نفسها وفيه اختلافات أخرى ومع ذلك فله شاهد من حديث بن عمر أخرجه أبو داود من رواية أبي الصديق عن بن عمر قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأمهات المؤمنين شبرا ثم استزدنه فزادهن شبرا فكن يرسلن إلينا فنذرع لهن ذراعا وأفادت هذه الرواية قدر الذراع المأذون فيه وأنه شبران بشبر اليد المعتدلة ويستفاد من هذا الفهم التعقب على من قال أن الأحاديث المطلقة في الزجر عن الإسبال مقيدة بالأحاديث الأخرى المصرحة بمن فعله خيلاء قال النووي ظواهر الأحاديث في تقييدها بالجر خيلاء يقتضي أن التحريم مختص بالخيلاء ووجه التعقب أنه لو كان كذلك لما كان في استفسار أم سلمة عن حكم النساء في جر ذيولهن معنى بل فهمت الزجر عن الإسبال مطلقا سواء كان عن مخيلة أم لا فسألت عن حكم النساء في ذلك لاحتياجهن إلى الإسبال من أجل ستر العورة لأن جميع قدمها عورة فبين لها أن حكمهن في ذلك خارج عن حكم الرجال في هذا المعنى فقط وقد نقل عياض الإجماع على أن المنع في حق الرجال دون النساء ومراده منع الإسبال لتقريره صلى الله عليه وسلّم أم سلمة على فهمها إلا أنه بين لها أنه عام مخصوص لتفرقته في الجواب بين الرجال والنساء في الإسبال وتبيينه القدر الذي يمنع ما بعده في حقهن كما بين ذلك في حق الرجال والحاصل أن للرجال حالين حال استحباب وهو أن يقتصر بالإزار على نصف الساق وحال جواز وهو إلى الكعبين وكذلك للنساء حالان حال استحباب وهو ما يزيد على ما هو جائز للرجال بقدر الشبر وحال جواز بقدر ذراع ويؤيد هذا التفصيل في حق النساء ما أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق معتمر عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلّم شبر لفاطمة من عقبها شبرا وقال هذا ذيل المرأة وأخرجه أبو يعلى بلفظ شبر من ذيلها شبرا أو شبرين وقال لا تزدن على هذا ولم يسم فاطمة قال الطبراني تفرد به معتمر عن حميد قلت وأو شك من الراوي والذي جزم بالشبر هو المعتمد ويؤيده ما أخرجه الترمذي من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلّم شبر لفاطمة شبرا ويستنبط من سياق الأحاديث أن التقييد بالجر خرج للغالب وأن البطر والتبختر مذموم ولو لمن شمر ثوبه والذي يجتمع من الأدلة أن من قصد بالملبوس الحسن إظهار نعمة الله عليه مستحضرا لها شاكرا عليها غير محتقر لمن ليس له مثله لا يضره ما لبس من المباحات ولو كان في غاية النفاسة ففي صحيح مسلم عن بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة