( قوله باب لبس الحرير للرجال وقدر ما يجوز منه ) .
أي في بعض الثياب ووقع في شرح بن بطال ومستخرج أبي نعيم زيادة افتراشه في الترجمة والأولى ما عند الجمهور وقد ترجم للافتراش مستقلا كما سيأتي بعد أبواب والحرير معروف وهو عربي سمي بذلك لخلوصه يقال لكل خالص محرر وحررت الشيء خلصته من الاختلاط بغيره وقيل هو فارسي معرب والتقييد بالرجال يخرج النساء وسيأتي في ترجمة مستقلة قال بن بطال اختلف في الحرير فقال قوم يحرم لبسه في كل الأحوال حتى على النساء نقل ذلك عن علي وبن عمر وحذيفة وأبي موسى وبن الزبير ومن التابعين عن الحسن وبن سيرين وقال قوم يجوز لبسه مطلقا وحملوا الأحاديث الواردة في النهي عن لبسه على من لبسه خيلاء أو على التنزيه قلت وهذا الثاني ساقط لثبوت الوعيد على لبسه وأما قول عياض حمل بعضهم النهي العام في ذلك على الكراهة لا على التحريم فقد تعقبه بن دقيق العيد فقال قد قال القاضي عياض أن الإجماع انعقد بعد بن الزبير ومن وافقه على تحريم الحرير على الرجال وإباحته للنساء ذكر ذلك في الكلام على قول بن الزبير في الطريق التي أخرجها مسلم ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير فإني سمعت عمر فذكر الحديث الآتي في الباب قال فإثبات قول بالكراهة دون التحريم إما أن ينقض ما نقله من الإجماع وإما أن يثبت أن الحكم العام قبل التحريم على الرجال كان هو الكراهة ثم انعقد الإجماع على التحريم على الرجال والاباحة للنساء ومقتضاه نسخ الكراهة السابقة وهو بعيد جدا وأما ما أخرج عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس قال لقي عمر عبد الرحمن بن عوف فنهاه عن لبس الحرير فقال لو أطعتنا للبسته معنا وهو يضحك فهو محمول على أن عبد الرحمن فهم من إذن رسول الله صلى الله عليه وسلّم له في لبس الحرير نسخ التحريم ولم ير تقييد الإباحة بالحاجة كما سيأتي واختلف في علة تحريم الحرير على رأيين مشهورين أحدهما الفخر والخيلاء والثاني لكونه ثوب رفاهية وزينة فيليق بزي النساء دون شهامة الرجال ويحتمل علة ثالثة وهي التشبه بالمشركين قال بن دقيق العيد وهذا قد يرجع إلى الأول لأنه من سمة المشركين وقد يكون المعنيان معتبرين إلا أن المعنى الثاني لا يقتضي التحريم لأن الشافعي قال في الأم ولا أكره لباس اللؤلؤ إلا للأدب فإنه زى النساء واستشكل بثبوت اللعن للمتشبهين من الرجال بالنساء فإنه يقتضي منع ما كان مخصوصا بالنساء في جنسه وهيئته وذكر بعضهم علة أخرى وهي السرف والله أعلم والمذكور في هذا الباب خمسة أحاديث الحديث الأول حديث عمر ذكره من طرق الأولى .
5490 - قوله سمعت أبا عثمان النهدي قال أتانا كتاب عمر كذا قال أكثر أصحاب قتادة وشذ عمر بن