في صحيحه عن المزني صاحب الشافعي الجزم بأنهما عبارة عن معنى واحد وأنه سمع ذلك منه وعن الإمام أحمد الجزم بتغايرهما ولكل من القولين أدلة متعارضة وقال الخطابي صنف في المسألة إمامان كبيران وأكثرا من الأدلة للقولين وتباينا في ذلك والحق أن بينهما عموما وخصوصا فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا انتهى كلامه ملخصا ومقتضاه أن الإسلام لا يطلق على الاعتقاد والعمل معا بخلاف الإيمان فإنه يطلق عليهما معا ويرد عليه قوله تعالى ورضيت لكم الإسلام دينا فإن الإسلام هنا يتناول العمل والاعتقاد معا لأن العامل غير المعتقد ليس بذي دين مرضى وبهذا استدل المزني وأبو محمد البغوي فقال في الكلام على حديث جبريل هذا جعل النبي صلى الله عليه وسلّم الإسلام هنا أسما لما ظهر من الأعمال والإيمان اسما لما بطن من الاعتقاد وليس ذاك لأن الأعمال ليست من الإيمان ولا لأن التصديق ليس من الإسلام بل ذاك تفصيل لجملة كلها شيء واحد وجماعها الدين ولهذا قال صلى الله عليه وسلّم أتاكم يعلمكم دينكم وقال سبحانه وتعالى ورضيت لكم الإسلام دينا وقال ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ولا يكون الدين في محل الرضا والقبول الا بانضمام التصديق انتهى كلامه والذي يظهر من مجموع الأدلة أن لكل منهما حقيقة شرعية كما أن لكل منهما حقيقة لغوية لكن كل منهما مستلزم للآخر بمعنى التكميل له فكما أن العامل لا يكون مسلما كاملا إلا إذا اعتقد فكذلك المعتقد لا يكون مؤمنا كاملا إلا إذا عمل وحيث يطلق الإيمان في موضع الإسلام أو العكس أو يطلق أحدهما على إرادتهما معا فهو على سبيل المجاز ويتبين المراد بالسياق فإن وردا معا في مقام السؤال حملا على الحقيقة وإن لم يردا معا أو لم يكن في مقام سؤال أمكن الحمل على الحقيقة أو المجاز بحسب ما يظهر من القرائن وقد حكى ذلك الإسماعيلي عن أهل السنة والجماعة قالوا إنهما تختلف دلالتهما بالاقتران فإن أفرد أحدهما دخل الآخر فيه وعلى ذلك يحمل ما حكاه محمد بن نصر وتبعه بن عبد البر عن الأكثر أنهم سووا بينهما على ما في حديث عبد القيس وما حكاه اللالكائي وبن السمعاني عن أهل السنة أنهم فرقوا بينهما على ما في حديث جبريل والله الموفق قوله وعلم الساعة تفسير منه للمراد بقول جبريل في السؤال متى الساعة أي متى علم الساعة ولا بد من تقدير محذوف آخر أي متى علم وقت الساعة قوله وبيان النبي صلى الله عليه وسلّم هو مجرور لأنه معطوف على علم المعطوف على سؤال المجرور بالإضافة فإن قيل لم يبين النبي صلى الله عليه وسلّم وقت الساعة فكيف قال وبيان النبي صلى الله عليه وسلّم له فالجواب أن المراد بالبيان بيان أكثر المسئول عنه فأطلقه لأن حكم معظم الشيء حكم كله أو جعل الحكم في علم الساعة بأنه لا يعلمه الا الله بيانا له .
50 - قوله حدثنا إسماعيل بن إبراهيم هو البصري المعروف بابن علية قال أخبرنا أبو حيان التميمي وأورده المصنف في تفسير سورة لقمان من حديث جرير بن عبد الحميد عن أبي حيان المذكور ورواه مسلم من وجه آخر عن جرير أيضا عن عمارة بن القعقاع ورواه أبو داود والنسائي من حديث جرير أيضا عن أبي فروة ثلاثتهم عن أبي زرعة عن أبي هريرة زاد أبو فروة وعن أبي ذر أيضا وساق حديثه عنهما جميعا وفيه فوائد زوائد سنشير إليها إن شاء الله تعالى ولم أر هذا الحديث من رواية أبي هريرة الا عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير هذا عنه ولم يخرجه البخاري الا من طريق أبي حيان عنه وقد أخرجه مسلم من حديث عمر بن الخطاب وفي سياقه فوائد زوائد أيضا وإنما لم يخرجه البخاري لاختلاف فيه على بعض رواته فمشهوره رواية كهمس بسين مهملة قبلها ميم مفتوحة بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر بفتح الميم أوله ياء تحتانية مفتوحة عن عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب رواه عن كهمس جماعة