بن أبي عدي عن سعيد ولفظه فجعلوا يستفتونه ويفتيهم ولم يذكر فيما يفتيهم النبي صلى الله عليه وسلّم قوله حتى سئل فقال سمعت كذا أبهم المسألة وبينها بن أبي عدي عن سعد ففي روايته حتى أتاه رجل من أهل العراق أراه نجارا فقال إني أصور هذه التصاوير فما تأمرني فقال إذا سمعت وتقدم في البيوع من رواية سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند بن عباس إذ أتاه رجل فقال يا أبا عباس أني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي قوله من صور صورة في الدنيا كذا أطلق وظاهره التعميم فيتناول صورة ما لا روح فيه لكن الذي فهم بن عباس من بقية الحديث التخصيص بصورة ذوات الأرواح من قوله كلف أن ينفخ فيها الروح فاستثنى ما لا روح فيه كالشجر قوله كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ في رواية سعيد بن أبي الحسن فإن الله يعذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا واستعمال حتى هنا نظير استعمالها في قوله تعالى حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذا قولهم لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب قال الكرماني ظاهره أنه من تكليف ما لا يطاق وليس كذلك وإنما القصد طول تعذيبه وإظهار عجزه عما كان تعاطاه ومبالغة في توبيخه وبيان قبح فعله وقوله ليس بنافخ أي لا يمكنه ذلك فيكون معذبا دائما وقد تقدم في باب عذاب المصورين من حديث بن عمر أنه يقال للمصورين أحيوا ما خلقتم وأنه أمر تعجيز وقد استشكل هذا الوعيد في حق المسلم فإن وعيد القاتل عمدا ينقطع عند أهل السنة مع ورود تخليده بحمل التخليد على مدة مديدة وهذا الوعيد أشد منه لأنه مغيا بما لا يمكن وهو نفخ الروح فلا يصح أن يحمل على أن المراد أنه يعذب زمانا طويلا ثم يتخلص والجواب أنه يتعين تأويل الحديث على أن المراد به الزجر الشديد بالوعيد بعقاب الكافر ليكون أبلغ في الارتداع وظاهره غير مراد وهذا في حق العاصي بذلك وأما من فعله مستحلا فلا إشكال فيه واستدل به على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى للحوق الوعيد بمن تشبه بالخالق فدل على أن غير الله ليس بخالق حقيقة وقد أجاب بعضهم بأن الوعيد وقع على خلق الجواهر ورد بأن الوعيد لاحق باعتبار الشكل والهيئة وليس ذلك بجوهر وأما استثناء غير ذي الروح فورد مورد الرخصة كما قررته وفي قوله كلف يوم القيامة رد على من زعم أن الآخرة ليست بدار تكليف وأجيب بأن المراد بالنفي أنها ليست بدار تكليف بعمل يترتب عليه ثواب أو عقاب وأما مثل هذا التكليف فليس بممتنع لأنه نفسه عذاب وهو نظير الحديث الآخر من قتل نفسه بحديدة فحديدة في يده يجأ بها نفسه يوم القيامة وسيأتي في موضعه وأيضا فالتكليف بالعمل في الدنيا حسن على مصطلح أهل علم الكلام بخلاف هذا التكليف الذي هو عذاب واستدل به على جواز التكليف بما لا يطاق والجواب ما تقدم وأيضا فنفخ الروح في الجماد قد ورد معجزة للنبي صلى الله عليه وسلّم فهو يمكن وإن كان في وقوعه خرق عادة والحق أنه خطاب تعجيز لا تكليف كما تقدم والله أعلم وقد تقدم في باب بيع التصاوير في أواخر البيوع زيادة سعيد بن أبي الحسن في روايته أن بن عباس قال للرجل ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر الحديث مع ضبط لفظه وإعرابه واستدل به على جواز تصوير ما لا روح له من شجر أو شمس أو قمر ونقل الشيخ أبو محمد الجويني وجها بالمنع لأن من الكفار من عبدها قلت ولا يلزم من تعذيب من يصور ما فيه روح بما ذكر تجويز تصوير ما لا روح فيه فإن عموم قوله الذين يضاهون بخلق الله وقوله ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي يتناول ما فيه روح وما لا روح فيه فإن خص ما فيه روح بالمعنى من جهة أنه مما لم تجر عادة الآدميين بصنعته