من أبنية المبالغة التي لا شيء فوقها ويفهم من هذا أن الكفار لا يبقى لهم حظ من الرحمة لا من جنس رحمات الدنيا ولا من غيرها إذا كمل كل ما كان في علم الله من الرحمات للمؤمنين واليه الإشارة بقوله تعالى فسأكتبها للذين يتقون الآية وقال الكرماني الرحمة هنا عبارة عن القدرة المتعلقة بايصال الخير والقدرة في نفسها غير متناهية والتعلق غير متناه لكن حصره في مائة على سبيل التمثيل تسهيلا للفهم وتقليلا لما عند الخلق وتكثيرا لما عند الله سبحانه وتعالى وأما مناسبة هذا العدد الخاص فحكى القرطبي عن بعض الشراح أن هذا العدد الخاص أطلق لإرادة التكثير والمبالغة فيه وتعقبه بأنه لم تجر عادة العرب بذلك في المائة وإنما جرى في السبعين كذا قال وقال بن أبي جمرة ثبت أن نار الآخرة تفضل نار الدنيا بتسع وستين جزءا فإذا قوبل كل جزء برحمة زادت الرحمات ثلاثين جزءا فيؤخذ منه أن الرحمة في الآخرة أكثر من النقمة فيها ويؤيده قوله غلبت رحمتي غضبي قلت لكن تبقى مناسبة خصوص هذا العدد فيحتمل أن تكون مناسبة هذا العدد الخاص لكونه مثل عدد درج الجنة والجنة هي محل الرحمة فكان كل رحمة بإزاء درجة وقد ثبت أنه لا يدخل أحد الجنة إلا برحمة الله تعالى فمن نالته منها رحمة واحدة كان أدنى أهل الجنة منزلة وأعلاهم منزلة من حصلت له جميع الأنواع من الرحمة وقال بن أبي جمرة في الحديث إدخال السرور على المؤمنين لأن العادة أن النفس يكمل فرحها بما وهب لها إذا كان معلوما مما يكون موعودا وفيه الحث على الإيمان واتساع الرجاء في رحمات الله تعالى المدخرة قلت وقد وقع في آخر حديث سعيد المقبري في الرقاق فلو يعلم الكافر بكل ما عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة وأفرده مسلم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ويأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى .
( قوله باب قتل الولد خشية أن يأكل معه ) .
تقدير الكلام قتل المرء ولده الخ فالضمير يعود للمقدر في قوله قتل الولد ووقع لأبي ذر عن المستملي والكشميهني باب أي الذنب أعظم وعند النسفي باب من الرحمة وذكر فيه حديث بن مسعود أي الذنب أعظم الحديث وسيأتي شرحه مستوفى في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى