وللطبراني من حديث قرة بن إياس قيل لرسول الله الحياء من الدين فقال بل هو الدين كله وللطبراني من وجه آخر عن عمران بن حصين الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة قوله بشير بن كعب بالموحدة والمعجمة مصغر تابعي جليل يأتي ذكره في الدعوات قوله مكتوب في الحكمة في رواية محمد بن جعفر أنه مكتوب في الحكمة وفي رواية أبي قتادة العدوي عند مسلم فقال بشير بن كعب إنا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة بالشك والحكمة في الأصل إصابة الحق بالعلم وسيأتي بسط القول في ذلك في باب ما يجوز من الشعر أن شاء الله تعالى قوله أن من الحياء وقارا وأن من الحياء سكينة في رواية الكشميهني السكينة بزيادة ألف ولام وفي رواية أبي قتادة العدوي أن منه سكينة ووقارا لله وفيه ضعف وهذه الزيادة متعينة ومن أجلها غضب عمران وإلا فليس في ذكر السكينة والوقار ما ينافي كونه خيرا أشار إلى ذلك بن بطال لكن يحتمل أن يكون غضب من قوله منه لأن التبعيض يفهم أن منه ما يضاد ذلك وهو قد روى أنه كله خير وقال القرطبي معنى كلام بشير أن من الحياء ما يحمل صاحبه على الوقار بأن يوقر غيره ويتوقر هو في نفسه ومنه ما يحمله على أن يسكن عن كثير مما يتحرك الناس فيه من الأمور التي لا تليق بذي المروءة ولم ينكر عمران عليه هذا القدر من حيث معناه وإنما أنكره عليه من حيث أنه ساقه في معرض من يعارض كلام الرسول بكلام غيره وقيل إنما أنكر عليه لكونه خاف أن يخلط السنة بغيرها قلت ولا يخفى حسن التوجيه السابق قوله وتحدثني عن صحيفتك في رواية أبي قتادة فغضب عمران حتى احمرت عيناه وقال لا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وتعارض فيه وفي رواية أحمد وتعرض فيه بحديث الكتب وهذا يؤيد الاحتمال الماضي وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه لبشير بن كعب هذا قصة مع بن عباس تشعر بأنه كان يتساهل في الأخذ عن كل من لقيه الحديث الثاني .
5767 - قوله عبد العزيز بن أبي سلمة هو الماجشون قوله مر النبي صلى الله عليه وسلّم على رجل يعظ أخاه في الحياء تقدم في أول كتاب الإيمان مع شرحه ولم أعرف اسم الرجل ولا اسم أخيه إلى الآن والمراد بوعظه أنه يذكر له ما يترتب على ملازمته من المفسدة قوله الحياء من الإيمان حكى بن التين عن أبي عبد الملك أن المراد به كمال الإيمان وقال أبو عبيد الهروي معناه أن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي وإن لم يكن له تقية فصار كالايمان القاطع بينه وبين المعاصي قال عياض وغيره إنما جعل الحياء من الإيمان وان كان غريزة لأن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى قصد واكتساب وعلم وأما كونه خيرا كله ولا يأتي الا بخير فأشكل حمله على العموم لأنه قد يصد صاحبه عن مواجهة من يرتكب المنكرات ويحمله على الاخلال ببعض الحقوق والجواب أن المراد بالحياء في هذه الأحاديث ما يكون شرعيا والحياء الذي ينشأ عنه الاخلال بالحقوق ليس حياء شرعيا بل هو عجز ومهانة وإنما يطلق عليه حياء لمشابهته للحياء الشرعي وهو خلق يبعث على ترك القبيح قلت ويحتمل أن يكون اشير إلى أن من كان الحياء من خلقه أن الخير يكون فيه أغلب فيضمحل ما لعله يقع منه مما ذكر في جنب ما يحصل له بالحياء من الخير أو لكونه إذا صار عادة وتخلق به صاحبه يكون سببا لجلب الخير إليه فيكون منه الخير بالذات والسبب وقال أبو العباس القرطبي الحياء المكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان وهو المكلف به دون الغريزي غير أن من كان فيه غريزة منه فإنها تعينه على المكتسب وقد ينطبع بالمكتسب حتى يصير غريزا قال وكان النبي صلى الله عليه وسلّم قد جمع له النوعان فكان في الغريزي أشد حياء من العذراء في خدرها