( قوله باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله ) .
والعلم والقرآن هو في هذا الحمل متابع لأبي عبيد كما سأذكره ووجهه أن الذم إذا كان للامتلاء وهو الذي لا بقية لغيره معه دل على أن ما دون ذلك لا يدخله الذم ثم ذكر فيه حديث لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا من حديث بن عمر ومن حديث أبي هريرة وزاد أبو ذر في روايته عن الكشميهني في حديث أبي هريرة حتى يريه وهذه الزيادة ثابتة في الأدب المفرد عن الشيخ الذي أخرجه عنه هنا وكذلك رواية النسفي ونسبها بعضهم للاصيلي ولسائر رواة الصحيح قيحا يريه بإسقاط حتى وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وبن ماجة وأبو عوانة وبن حبان من طرق عن الأعمش في أكثرها حتى يريه ووقع عند الطبراني من وجه آخر عن سالم عن بن عمر بلفظ حتى يريه أيضا قال بن الجوزي وقع في حديث سعد عند مسلم حتى يريه وفي حديث أبي هريرة عند البخاري بإسقاط حتى فعلى ثبوتها يقرأ يريه بالنصب وعلى حذفها بالرفع قال ورأيت جماعة من المبتدئين يقرءونها بالنصب مع إسقاط حتى جريا على المألوف وهو غلط إذ ليس هنا ما ينصب وذكر أن بن الخشاب نبه على ذلك ووجه بعضهم النصب على بدل الفعل من الفعل واجراء إعراب يمتلئ على يريه ووقع في حديث عوف بن مالك عند الطحاوي والطبراني لأن يمتلئ جوف أحدكم من عانته إلى لهاته قيحا يتخضخض خير له من أن يمتلىء شعرا وسنده حسن ووقع في حديث أبي سعيد عند مسلم لهذا الحديث سبب ولفظه بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالعرج إذ عرض لنا شاعر ينشد فقال أمسكوا الشيطان لأن يمتلئ فذكره ويريه بفتح الياء آخر الحروف بعدها راء ثم ياء أخرى قال الأصمعي هو من الورى بوزن الرمي يقال منه رجل مورى غير مهموز وهو أن يورى جوفه وأنشد قالت له وريا إذا تنحنحا تدعو عليه بذلك وقال أبو عبيد الورى هو أن يأكل القيح جوفه وحكى بن التين فيه الفتح بوزن الفري وهو قول الفراء وقال ثعلب هو بالسكون المصدر وبالفتح الاسم وقيل معنى .
5803 - قوله حتى يريه أي يصيب رئته وتعقب بأن الرئة مهموزة فإذا بنيت منه فعلا قلت رآه يرأه فهو مرئي انتهى ولا يلزم من كون أصلها مهموزا أن لا تستعمل مسهلة ويقرب ذلك أن الرئة إذا امتلأت قيحا يحصل الهلاك وأما قوله جوف أحدكم فقال بن أبي جمرة يحتمل ظاهره أن يكون المراد جوفه كله وما فيه من القلب وغيره ويحتمل أن يريد به القلب خاصة وهو الأظهر لأن أهل الطب يزعمون أن القيح إذا وصل إلى القلب شيء منه وأن كان يسيرا فإن صاحبه يموت لا محالة بخلاف غير القلب مما في