الملوك وفي القرآن من ذلك عدة أمثلة كقوله تعالى وقال الملك في صاحب يوسف وغيره وأشار بن بطال إلى أنه يؤخذ من ذلك ترك المبالغة والإغراق في الوصف إذا كان الموصوف لا يستحق ذلك وحديث إنما المفلس يأتي الكلام عليه في الرقاق وحديث إنما الصرعة تقدم قريبا وحديث لا ملك إلا الله يأتي الكلام عليه في باب أبغض الأسماء إلى الله ووقع لبعض الرواة هنا بلفظ لا ملك إلا لله بضم الميم وسكون اللام وحذف الألف بعد قوله إلا والأول هو اللائق للسياق .
5829 - قوله ويقولون الكرم إنما الكرم قلب المؤمن هكذا وقع في هذه الرواية من طريق سفيان بن عيينة قال حدثنا الزهري عن سعيد ووقع في الباب الذي قبله من رواية معمر عن الزهري عن أبي سلمة بلفظ لا تسموا العنب كرما وهي رواية بن سيرين عن أبي هريرة عند مسلم وعنده من طريق همام عن أبي هريرة لا يقل أحدكم للعنب الكرم إنما الكرم الرجل المسلم وله من حديث وائل بن حجر لا تقولوا الكرم ولكن قولوا العنب والحبلة قالوا وفي قوله في الباب ويقولون عاطفة على شيء حذف هنا وكأنه الحديث الذي قبله وقد أخرجه بن أبي عمر في مسنده عن سفيان ومن طريقه الإسماعيلي فقال في أوله يقولون بغير واو أخرجه الحميدي في مسنده ومن طريقه أبو نعيم وذكره بالواو كما ذكره البخاري عن علي بن عبد الله وكذا أخرجه أحمد في مسنده عن سفيان ولكن قال فيه عن أبي هريرة رفعه وقال مرة يبلغ به وقال مرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأخرجه مسلم عن بن أبي عمر وعمرو الناقد قالا حدثنا سفيان بهذا السند قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا تقولوا كرم فإن الكرم قلب المؤمن وقوله ويقولون الكرم هو مبتدأ وخبره محذوف أي يقولون الكرم شجر العنب وقد أخرج الطبراني والبزار من حديث سمرة رفعه أن اسم الرجل المؤمن في الكتب الكرم من أجل ما أكرمه الله على الخليقة وإنكم تدعون الحائط من العنب الكرم الحديث قال الخطابي ما ملخصه ان المراد بالنهي تأكيد تحريم الخمر بمحو اسمها ولان في تبقية هذا الاسم لها تقريرا لما كانوا يتوهمونه من تكرم شاربها فنهى عن تسميتها كرما وقال إنما الكرم قلب المؤمن لما فيه من نور الإيمان وهدى الإسلام وحكى بن بطال عن بن الأنباري أنهم سموا العنب كرما لأن الخمر المتخذة منه تحث على السخاء وتأمر بمكارم الأخلاق حتى قال شاعرهم والخمر مشتقة المعنى من الكرم وقال آخر شققت من الصبي واشتق مني كما اشتقت من الكرم الكروم فلذلك نهى عن تسمية العنب بالكرم حتى لا يسموا أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم وجعل المؤمن الذي يتقي شربها ويرى الكرم في تركها أحق بهذا الاسم انتهى وأما قول الأزهري سمي العنب كرما لأنه ذلل لقاطفه وليس فيه سلاء يعقر جانيه ويحمل الأصل منه مثل ما تحمل النخلة فأكثر وكل شيء كثر فقد كرم فهو صحيح أيضا من حيث الاشتقاق لكن المعنى الأول أنسب للنهي وقال النووي النهي في هذا الحديث عن تسمية العنب كرما وعن تسمية شجرها أيضا للكراهية وحكى القرطبي عن المازري أن السبب في النهي أنه لما حرمت عليهم الخمر وكانت طباعهم تحثهم على الكرم كره صلى الله عليه وسلّم أن يسمى هذا المحرم باسم تهيج طباعهم إليه عند ذكره فيكون ذلك كالمحرك لهم وتعقبه بأن محل النهي إنما هو تسمية العنب كرما وليست العنبة محرمة والخمر لا تسمى عنبة بل العنب قد يسمى خمرا باسم ما يئول إليه قلت والذي قاله المازري موجه لأنه يحمل على إرادة حسم المادة بترك تسمية أصل الخمر بهذا الاسم الحسن ولذلك ورد النهي تارة عن العنب وتارة عن شجرة العنب فيكون التنفير