( قوله باب القراءة والعرض على المحدث ) .
إنما غاير بينهما بالعطف لما بينهما من العموم والخصوص لأن الطالب إذا قرأ كان أعم من العرض وغيره ولا يقع العرض الا بالقراءة لأن العرض عبارة عما يعارض به الطالب أصل شيخه معه أو مع غيره بحضرته فهو أخص من القراءة وتوسع فيه بعضهم فأطلقه على ما إذا أحضر الأصل لشيخه فنظر فيه وعرف صحته وأذن له أن يرويه عنه من غير أن يحدثه به أو يقرأه الطالب عليه والحق أن هذا يسمى عرض المناولة بالتقييد لا الإطلاق وقد كان بعض السلف لا يعتدون الا بما سمعوه من ألفاظ المشايخ دون ما يقرأ عليهم ولهذا بوب البخاري على جوازه وأورد فيه قول الحسن وهو البصري لا بأس بالقراءة على العالم ثم اسنده إليه بعد أن علقه وكذا ذكر عن سفيان الثوري ومالك موصولا أنهما سويا بين السماع من العالم والقراءة عليه وقوله جائزا وقع في رواية أبي ذر جائزة أي القراءة لأن السماع لانزاع فيه قوله واحتج بعضهم المحتج بذلك هو الحميدي شيخ البخاري قاله في كتاب النوادر له كذا قال بعض من أدركته وتبعته في المقدمة ثم ظهر لي خلافه وأن قائل ذلك أبو سعيد الحداد أخرجه البيهقي في المعرفة من طريق بن خزيمة قال سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول قال أبو سعيد الحداد عندي خبر عن النبي صلى الله عليه وسلّم في القراءة على العالم فقيل له فقال قصة ضمام بن ثعلبة قال آلله أمرك بهذا قال نعم انتهى وليس في المتن الذي ساقه البخاري بعد من حديث أنس في قصة ضمام أن ضماما أخبر قومه بذلك وإنما وقع ذلك من طريق أخرى ذكرها أحمد وغيره من طريق بن إسحاق قال حدثني محمد بن الوليد بن نويفع عن كريب عن بن عباس قال بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة فذكر الحديث بطوله وفي آخره أن ضماما قال لقومه عندما رجع إليهم إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابا وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه قال فوالله ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة الا مسلما فمعنى قول البخاري فأجازوه أي قبلوه منه ولم يقصد الاجازه المصطلحة بين أهل الحديث قوله واحتج مالك بالصك قال الجوهري الصك يعني بالفتح الكتاب فارسي معرب والجمع صكاك وصكوك والمراد هنا المكتوب الذي يكتب فيه إقرار المقر لأنه إذا قرئ عليه فقال نعم ساغت الشهادة عليه به وإن لم يتلفظ هو بما فيه فكذلك إذا قرئ على العالم فاقر به صح أن يروي عنه وأما قياس مالك قراءة الحديث على قراءة القرآن فرواه الخطيب في الكفاية من طريق بن وهب قال سمعت مالكا وسئل عن الكتب التي تعرض عليه أيقول الرجل حدثني قال نعم كذلك القرآن أليس الرجل يقرأ على الرجل فيقول أقرأني فلان وروى الحاكم في علوم الحديث من طريق مطرف قال صحبت مالكا سبع عشرة سنة فما رأيته قرأ الموطأ على أحد بل يقرؤون عليه