بالطائفة القطعة قوله قيعان بكسر القاف جمع قاع وهو الأرض المستوية الملساء التي لا تنبت قوله فقه بضم القاف أي صار فقيها وقال بن التين رويناه بكسرها والضم أشبه قال القرطبي وغيره ضرب النبي صلى الله عليه وسلّم لما جاء به من الدين مثلا بالغيث العام الذي يأتي الناس في حال حاجتهم إليه وكذا كان حال الناس قبل مبعثه فكما أن الغيث يحيى البلد الميت فكذا علوم الدين تحيي القلب الميت ثم شبة السامعين له بالأرض المختلفة التي ينزل بها الغيث فمنهم العالم العامل المعلم فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها وانبتت فنفعت غيرها ومنهم الجامع للعلم المستغرق لزمانه فيه غير أنه لم يعمل بنوافله أو لم يتفقه فيما جمع لكنه أداه لغيره فهو بمنزلة الأرض التي يستقر فيها الماء فينتفع الناس به وهو المشار إليه بقوله نضر الله امرأ سمع مقالتي فأداها كما سمعها ومنهم من يسمع العلم فلا يحفظه ولا يعمل به ولا ينقله لغيره فهو بمنزلة الأرض السبخة أو الملساء التي لا تقبل الماء أو تفسده على غيرها وإنما جمع في المثل بين الطائفتين الأوليين المحمودتين لاشتراكهما في الانتفاع بهما وأفرد الطائفة الثالثة المذمومة لعدم النفع بها والله أعلم ثم ظهر لي أن في كل مثل طائفتين فالأول قد اوضحناه والثاني الأولى منه من دخل في الدين ولم يسمع العلم أو سمعه فلم يعمل به ولم يعلمه ومثالها من الأرض السباخ وأشير إليها بقوله صلى الله عليه وسلّم من لم يرفع بذلك رأسا أي اعرض عنه فلم ينتفع به ولا نفع والثانية منه من لم يدخل في الدين أصلا بل بلغه فكفر به ومثالها من الأرض الصماء الملساء المستوية التي يمر عليها الماء فلا ينتفع به وأشير إليها بقوله صلى الله عليه وسلّم ولم يقبل هدى الله الذي جئت به وقال الطيبي بقي من أقسام الناس قسمان أحدهما الذي انتفع بالعلم في نفسه ولم يعلمه غيره والثاني من لم ينتفع به في نفسه وعلمه غيره قلت والأول داخل في الأول لأن النفع حصل في الجملة وإن تفاوتت مراتبه وكذلك ما تنبته الأرض فمنه ما ينتفع الناس به ومنه ما يصير هشيما وأما الثاني فإن كان عمل الفرائض وأهمل النوافل فقد دخل في الثاني كما قررناه وإن ترك الفرائض أيضا فهو فاسق لا يجوز الأخذ عنه ولعله يدخل في عموم من لم يرفع بذلك رأسا والله أعلم قوله قال إسحاق وكان منها طائفة قيلت أي بتشديد الياء التحتانية أي أن إسحاق وهو بن راهويه حيث روى هذا الحديث عن أبي أسامة خالف في هذا الحرف قال الأصيلي هو تصحيف من إسحاق وقال غيره بل هو صواب ومعناه شربت والقيل شرب نصف النهار يقال قيلت الإبل أي شربت في القائلة وتعقبه القرطبي بأن المقصود لا يختص بشرب القائلة وأجيب بان كون هذا أصله لا يمنع استعماله على الإطلاق تجوزا وقال بن دريد قيل الماء في المكان المنخفض إذا اجتمع فيه وتعقبه القرطبي أيضا بأنه يفسد التمثيل لأن اجتماع الماء إنما هو مثال الطائفة الثانية والكلام هنا إنما هو في الأولى التي شربت وأنبتت قال والاظهر أنه تصحيف قوله قاع يعلوه الماء والصفصف المستوى من الأرض هذا ثابت عند المستملى وأراد به أن قيعان المذكورة في الحديث جمع قاع وأنها الأرض التي يعلوها الماء ولا يستقر فيها وإنما ذكر الصفصف معه جريا على عادته في الاعتناء بتفسير ما يقع في الحديث من الألفاظ الواقعة في القرآن وقد يستطرد ووقع في بعض النسخ المصطف بدل الصفصف وهو تصحيف تنبيه وقع في رواية كريمة وقال بن إسحاق وكان شيخنا العراقي يرجحها ولم أسمع ذلك منه وقد وقع في نسخة الصغاني وقال إسحاق عن أبي أسامة وهذا يرجح الأول