( قوله باب البول عند سباطة قوم ) .
كان أبو موسى الأشعري يشدد في البول بين بن المنذر وجه هذا التشديد فأخرج من طريق عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أنه سمع أبا موسى ورأى رجلا يبول قائما فقال ويحك أفلا قاعدا ثم ذكر قصة بني إسرائيل وبهذا يظهر مطابقة حديث حذيفة في تعقبه على أبي موسى .
224 - قوله ثوب أحدهم وقع في مسلم جلد أحدهم قال القرطبي مراده بالجلد واحد الجلود التي كانوا يلبسونها وحمله بعضهم على ظاهره وزعم أنه من الإصر الذي حملوه ويؤيده رواية أبي داود ففيها كان إذا أصاب جسد أحدهم لكن رواية البخاري صريحة في الثياب فلعل بعضهم رواه بالمعنى قوله قرضه أي قطعه زاد الاسماعيلى بالمقراض وهو يدفع حمل من حمل القرض على الغسل بالماء قوله ليته امسك وللإسماعيلي لوددت أن صاحبكم لا يشدد هذا التشديد وإنما احتج حذيفة بهذا الحديث لأن البائل عن قيام قد يتعرض للرشاش ولم يلتفت النبي صلى الله عليه وسلّم إلى هذا الاحتمال فدل على أن التشديد مخالف للسنة واستدل به لمالك في الرخصة في مثل رؤوس الإبر من البول وفيه نظر لأنه صلى الله عليه وسلّم في تلك الحالة لم يصل إلى بدنه منه شيء وإلى هذا أشار بن حبان في ذكر السبب في قيامه قال لأنه لم يجد مكانا يصلح للقعود فقام لكون الطرف الذي يليه من السباطة كان عاليا فآمن أن يرتد إليه شيء من بوله وقيل لأن السباطة رخوة يتخللها البول فلا يرتد إلى البائل منه شيء وقيل إنما بال قائما لأنها حالة يؤمن معها خروج الريح بصوت ففعل ذلك لكونه قريبا من الديار ويؤيده ما رواه عبد الرازق عن عمر Bه قال البول قائما أحصن للدبر وقيل السبب في ذلك ما روى عن الشافعي وأحمد أن العرب كانت تستشفى لوجع الصلب بذلك فلعله كان به وروى الحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة قال إنما بال رسول الله صلى الله عليه وسلّم قائما لجرح كان في مأبضه والمأبض بهمزة ساكنة بعدها موحدة ثم معجمة باطن الركبة فكأنه لم يتمكن لأجله من القعود ولو صح هذا الحديث لكان فيه غنى عن جميع ما تقدم لكن ضعفه الدارقطني والبيهقي والاظهر أنه فعل ذلك لبيان الجواز وكان أكثر أحواله البول عن قعود والله أعلم وسلك أبو عوانة في صحيحه وبن شاهين فيه مسلكا آخر فزعما أن البول عن قيام منسوخ واستدلا عليه بحديث عائشة الذي قدمناه ما بال قائما منذ انزل عليه القرآن وبحديثها أيضا من حدثكم أنه كان يبول قائما فلا تصدقوه ما كان يبول الا قاعدا والصواب أنه غير منسوخ والجواب عن حديث عائشة أنه مستند إلى علمها فيحمل على ما وقع منه في البيوت وأما في غير البيوت فلم تطلع هي عليه وقد حفظه حذيفة وهو من كبار الصحابة وقد بينا أن ذلك كان بالمدينة فتضمن الرد على ما نفته من أن ذلك لم يقع بعد نزول القرآن وقد ثبت عن عمر وعلي وزيد بن ثابت وغيرهم أنهم بالوا قياما وهو دال على الجواز من غير كراهة إذا أمن الرشاش والله أعلم ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم في النهي عنه شيء كما بينته في أوائل شرح الترمذي والله أعلم