إذ الحياء الشرعي خير كله وقد تقدم في كتاب الإيمان أن الحياء لغة تغير وانكسار وهو مستحيل في حق الله تعالى فيحمل هنا على أن المراد أن الله لايأمر بالحياء في الحق أو لا يمنع من ذكر الحق وقد يقال إنما يحتاج إلى التأويل في الاثبات ولا يشترط في النفي أن يكون ممكنا لكن لما كان المفهوم يقتضى أنه يستحيي من غير الحق عاد إلى جانب الاثبات فاحتيج إلى تأويله قاله بن دقيق العيد قوله هل على المرأة من غسل من زائدة وقد سقطت في رواية المصنف في الأدب قوله احتلمت الاحتلام افتعال من الحلم بضم المهملة وسكون اللام وهو مايراه النائم في نومه يقال منه حلم بالفتح واحتلم والمراد به هنا أمر خاص منه وهو الجماع وفي رواية أحمد من حديث أم سليم أنها قالت يا رسول الله إذا رأت المرأة أن زوجها يجامعها في المنام اتغتسل قوله إذا رأت الماء أي المني بعد الاستيقاظ وفي رواية الحميدي عن سفيان عن هشام إذا رأت إحداكن الماء فلتغتسل وزاد فقالت أم سلمة وهل تحتلم المرأة وكذلك روى هذه الزيادة أصحاب هشام عنه غير مالك فلم يذكرها وقد تقدمت من رواية أبي معاوية عن هشام في باب الحياء في العلم وفيه أو تحتلم المرأة وهو معطوف على مقدر يظهر من السياق أي أترى المرأة الماء وتحتلم وفيه فغطت أم سلمة وجهها ويأتي في الأدب من رواية يحيى القطان عن هشام فضحكت أم سلمة ويجمع بينهما بأنها تبسمت تعجبا وغطت وجهها حياء ولمسلم من رواية وكيع عن هشام فقالت لها يا أم سليم فضحت النساء وكذا لأحمد من حديث أم سليم وهذا يدل على أن كتمان مثل ذلك من عادتهن لأنه يدل على شدة شهوتهن للرجال وقال بن بطال فيه دليل على أن كل النساء يحتلمن وعكسه غيره فقال فيه دليل على أن بعض النساء لا يحتلمن والظاهر أن مراد بن بطال الجواز لا الوقوع أي فيهن قابلية ذلك وفيه دليل على وجوب الغسل على المرأة بالإنزال ونفى بن بطال الخلاف فيه وقد قدمناه عن النخعي وكأن أم سليم لم تسمع حديث الماء من الماء أو سمعته وقام عندها ما يوهم خروج المرأة عن ذلك وهو ندور بروز الماء منها وقد روى أحمد من حديث أم سليم في هذه القصة أن أم سلمة قالت يا رسول الله وهل للمرأة ماء فقال هن شقائق الرجال وروى عبد الرزاق في هذه القصة إذا رأت إحداكن الماء كما يراه الرجل وروى أحمد من حديث خولة بنت حكيم في نحو هذه القصة ليس عليها غسل حتى تنزل كما ينزل الرجل وفيه رد على من زعم أن ماء المرأة لا يبرز وإنما يعرف انزالها بشهوتها وحمل قوله إذا رأت الماء أي علمت به لأن وجود العلم هنا متعذر لأنه إذا أراد به علمها بذلك وهي نائمة فلا يثبت به حكم لأن الرجل لو رأى أنه جامع وعلم أنه انزل في النوم ثم استيقظ فلم ير بللا لم يجب عليه الغسل اتفاقا فكذلك المرأة وأن أراد به علمها بذلك بعد أن استيقظت فلا يصح لأنه لايستمر في اليقظة ما كان في النوم أن كان مشاهدا فحمل الرؤية على ظاهرها هو الصواب وفيه استفتاء المرأة بنفسها وسياق صور الأحوال في الوقائع الشرعية لما يستفاد من ذلك وفيه جواز التبسم في التعجب وسيأتي الكلام على قوله فبم يشبهها ولدها في بدء الخلق إن شاء الله تعالى