ولهذا رتب العذاب على ما ذكر من الكفران وغيره لا على النقص وليس نقص الدين منحصرا فيما يحصل به الإثم بل في أعم من ذلك قاله النووي لأنه أمر نسبي فالكامل مثلا ناقص عن الأكمل ومن ذلك الحائض لا تأثم بترك الصلاة زمن الحيض لكنها ناقصة عن المصلي وهل تثاب على هذا الترك لكونها مكلفة به كما يثاب المريض على النوافل التي كان يعملها في صحته وشغل بالمرض عنها قال النووي الظاهري أنها لا تثاب والفرق بينها وبين المريض أنه كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته والحائض ليست كذلك وعندي في كون هذا الفرق مستلزما لكونها لا تثاب وقفة وفي الحديث أيضا مراجعة المتعلم لمعلمه والتابع لمتبوعة فيما لا يظهر له معناه وفيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلّم من الخلق العظيم والصفح الجميل والرفق والرأفة زاده الله تشريفا وتكريما وتعظيما .
( قوله باب تقضي الحائض أي تؤدي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ) .
قيل مقصود البخاري بما ذكر في هذا الباب من الأحاديث والآثار إن الحيض وما في معناه من الجنابة لا ينافي جميع العبادات بل صحت معه عبادات بدنيه من أذكار وغيرها فمناسك الحج من جملة ما لا ينافيها إلا الطواف فقط وفي كون هذا مراده نظر لأن كون مناسك الحج كذلك حاصل بالنص فلا يحتاج إلى الاستدلال عليه والأحسن ما قاله بن رشيد تبعا لابن بطال وغيره إن مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة Bها لأنه صلى الله عليه وسلّم لم يستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء ولم تمنع الحائض من شيء من ذلك فكذلك الجنب لأن حدثها أغلظ من حدثه ومنع القراءة إن كان