بالليل والنهار فهذا يوجب أن يكون الشفق البياض لأن أول النهار هو طلوع بياض الفجر وهذا يدل على أن الباقي من البياض بعد غروب الشمس هو الشفق ومما يستدل به على أن المراد البياض قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقد بينا أن الدلوك هو اسم يقع على الغروب ثم جعل غسق الليل غايته وروي عن ابن عباس في غسق الليل أنه اجتماع الظلمة وذلك لا يكون إلا مع غيبوبة البياض لأن البياض ما دام باقيا فالظلمة متفرقة في الأفق فثبت بذلك أن وقت المغرب إلى غيبوبة البياض فثبت أن المراد البياض فإن قيل روي عن ابن مسعود وأبي هريرة أن غسق الليل هو غروب الشمس قيل له المشهور عن ابن مسعود أو دلوك الشمس هو غروبها ومحال إذا كان الدلوك عنده الغروب أن يكون غسق الليل غروب الشمس أيضا لأن الله تعالى قال أقم الصلاة لدلوك الشمس فجعل الدلوك أول الوقت وغسق الليل آخره ويستحيل أن يكون ما جعله ابتداء هو الذي جعله غاية وإذا كان ذلك كذلك فالراوي عن ابن مسعود أن غسق الليل هو غروب الشمس غالط في روايته ومع ذلك فقد روي عن ابن مسعود رواية مشهورة أن دلوك الشمس غروبها وأن غسق الليل حين يغيب الشفق وهذه الرواية مستقيمة على ما ثبت عنه من تأويل الآية وقد روى ليث عن مجاهد عن ابن عباس أن دلوك الشمس حين تزول إلى غسق الليل حين تجب الشمس وهذا غير بعيد على ما ثبت عنه في تأويل الدلوك أنه الزوال إلا أنه قد روى عنه مالك عن داود بن الحصين قال أخبرني مخبر عن ابن عباس أنه كان يقول غسق الليل اجتماع الليل وظلمته وهذا ينفي أن يكون غسق الليل وقت الغروب من قبل أن وقت الغروب لا تكون ظلمة مجتمعة وقد روي عن أبي جعفر في غسق الليل أنه انتصافه وعن إبراهيم غسق الليل العشاء الآخرة وأولى هذه المعاني بلفظ الآية اجتماع الظلمة وذهاب البياض وذلك لأنه لو كان غسق الليل هو غروب الشمس لكانت الغاية المذكورة للوقت هي وجود الليل فحسب فيصير تقدير الآية أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى الليل وتسقط معه فائدة ذكر الغسق مع الليل ولما وجب حمل كل لفظ منه على فائدة مجددة وجب أن يكون غسق الليل قد أفاد مالم يفدناه لو قال إلى الليل عاريا من اجتماعها ومما يستدل به على أن الشفق هو البياض حديث بشير بن أبي مسعود عن أبيه أن النبي ص - صلى العشاء اليوم الأول حين اسود الأفق