أن هذه الطائفة التي سألت النبي ص - ذلك وأعانوا الخائن كانوا مسلمين ولم يكونوا أيضا على يقين من أمر الخائن وسرقته ولكنه لم يكن لهم الحكم جائزا على اليهودي بالسرقة لأجل وجود الدرع في داره .
فإن قيل كيف يكون الحكم على ظاهر الحال ضلالا إذا كان في الباطن خلافه وإنما على الحاكم الحكم بالظاهر دون الباطن .
قيل له لا يكون الحكم بظاهر الحال ضلال وإنما الضلال إبراء الخائن من غير حقيقة علم فإنما اجتهدوا أن يضلوه عن هذا المعنى .
قوله تعالى ومن يكسب خطيئة أو إثما فإنه قد قيل في الفرق بين الخطيئة والإثم أن الخطيئة قد تكون من غير تعمد والإثم ما كان عن عمد فذكرهما جميعا ليبين حكمهما وأنه سواء كان تعمد أو غير تعمد فإنه إذا رمى به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا إذ غير جائز له رمي غيره بما لا يعلمه منه .
قوله تعالى لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة الآية قال أهل اللغة النجوى هو الإسرار فأبان تعالى أنه لا خير في كثير ما يتسارون به إلا أن يكون ذلك أمرا بصدقة أو أمرا بمعروف أو إصلاح بين الناس وكل أعمال البر معروف لاعتراف العقول بها لأن العقول تعترف بالحق من جهة إقرارها به والتزامها له وتنكر الباطل من جهة زجرها عنه وتبريها منه ومن جهة أخرى سمى أعمال البر معروفا وهو أن أهل الفضل والدين يعرفون الخير لملابستهم إياه وعلمهم به ولا يعرفون الشر بمثل معرفتهم بالخير لأنهم لا يلابسونه ولا يعلمون به فسمى أعمال البر معروفا والشر منكرا .
حدثنا عبدالباقي بن قانع قال حدثنا إبراهيم بن عبدالله قال حدثنا سهل بن بكار قال حدثنا عبدالسلام أبو الخليل عن عبيدة الهجيمي قال قال أبو جري جابر بن سليم ركبت قعودي ثم انطلقت إلى مكة فأنخت قعودي بباب المسجد فإذا النبي ص - جالس عليه بردان من صوف فيها طرائق حمر فقلت السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك السلام قلت إنا معشر أهل البادية فينا الجفاء فعلمني كلمات ينفعني الله بها فقال أدن ثلاثا فدنوت فقال أعد علي فأعدت عليه فقال اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه منبسط وأن تفرغ من فضل