مثله في القياس قال أبو بكر اتفق السلف المجيزون لصيد الجوارح من سباع الطير أن صيدها يؤكل وإن أكلت منه منهم سعد وابن عباس وسلمان وابن عمر وأبو هريرة وسعيد بن المسيب وإنما اختلفوا في صيد الكلب فقال علي بن أبي طالب وابن عباس وعدي بن حاتم وأبو هريرة وسعيد بن جبير وإبراهيم لا يؤكل صيد الكلب إذا أكل منه وقال سلمان وسعد وابن عمر يؤكل صديه وإن لم يبق منه إلا ثلثه وهو قول الحسن وعبيد بن عمير وإحدى الروايتين عن أبي هريرة وعطاء وسليمان بن يسار وابن شهاب قال أبو بكر معلوم من حال الكلب قبوله للتأديب في ترك الأكل فجائز أن يعلم تركه ويكون تركه للأكل علما للتعليم ودلالة عليه فيكون تركه للأكل من شرائط صحة ذكاته ووجود الأكل مانع من صحة ذكاته وأما البازي فإنه معلوم أنه لا يمكن تعليمه بترك الأكل وأنه لا يقبل التعليم من هذه الجهة فإذ كان الله قد أباح صيد جميع الجوارح على شرط التعليم فغير جائز أن يكون من شرط التعليم للبازي تركه الأكل إذ لا سبيل إلى تعليمه ذلك ولا يجوز أن يكلفه الله تعليم ما لا يصح منه التعلم وقبول التأديب فثبت أن ترك الأكل ليس من شرائط تعلم البازي وجوارح الطير وكان ذلك من شرائط تعلم الكلب لأنه يقبله ويمكن تأديبه به ويشبه أن يكون ما روي عن علي بن أبي طالب وغيره في حظر ما قتله البازي من حيث كان عندهم أن من شرط التعليم ترك الأكل وذلك غير ممكن في الطير فلم يكن معلما فلا يكون ما قتله مذكى إلا أن ذلك يؤدي إلى أن لا تكون لذكر التعليم في الجوارح من الطير فائدة إذ كان صيدها غير مذكى وأن يكون المعلم وغير المعلم فيه سواء وذلك غير جائز لأن الله تعالى قد عمم الجوارح كلها وشرط تعليمها ولم يفرق بين الكلب وبين الطير فوجب استعمال عموم اللفظ فيها كلها فيكون من جوارح الطير ما يكون معلما وكذلك من الكلاب وإن اختلفت وجوه تعليمها فيكون من تعليم الكلاب ونحوها ترك الأكل ومن تعليم جوارح الطير أن يجيبه إذا دعاه ويألفه ولا ينفر عنه حتى يكون التعليم عاما في جميع ما ذكر في الآية ومن الدليل على أن من شرائط ذكاة صيد الكلب ونحوه ترك الأكل قول الله تعالى فكلوا مما أمسكن عليكم ولا يظهر الفرق بين إمساكه على نفسه وبين إمساكه علينا إلا بترك الأكل ولو لم يكن ترك الأكل مشروطا لزالت فائدة قوله فكلوا مما أمسكن عليكم فلما كان ترك الأكل علما لإمساكه