في حديث الشعبي عن عروة بن مضرس الطائي قال أتيت رسول الله ص - بالمزدلفة فقلت يا رسول الله جئت من جبل طي ما تركت جبلا إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال ص - من صلى معنا هذه الصلاة ووقف معنا هذا الموقف وقد أدرك عرفة قبل ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه فهذا القول منه ص - ينفي كون السعي بين الصفا والمروة فرضا في الحج من وجهين أحدهما إخباره بتمام حجته وليس فيه السعي بينهما والثاني أن ذلك لو كان من فروضه لبينه للسائل لعلمه بجهله بالحكم فإن قيل لم يذكر طواف الزيارة مع كونه من فروضه قيل له ظاهر اللفظ يقتضي ذلك وإنما أثبتناه فرضا بدلالة فإن قيل فهذا يوجب أن لا يكون مسنونا ويكون تطوعا كما روي عن أنس وابن الزبير قيل له كذلك يقتضي ظاهر اللفظ وإنما أثبتناه مسنونا في توابع الحج بدلالة ومما يحتج به لوجوبه أن فرض الحج مجمل في كتاب الله لأن الحج في اللغة القصد قال الشاعر يحج مأمومة في قعرها لجف يعني أنه يقصد ثم نقل في الشرع إلى معان أخر لم يكن اسما موضوعا لها في اللغة وهو مجمل مفتقر إلى البيان فمهما ورد من فعل النبي ص - فهو بيان للمراد بالجملة وفعل النبي ص - إذا ورد مورد البيان فهو على الوجوب فلما سعى بينهما النبي ص - كان ذلك دلالة الوجوب حتى تقوم دلالة الندب ومن جهة أخرى أن النبي ص - قال خذوا عني مناسككم وذلك أمر يقتضي إيجاب الاقتداء به في سائر أفعال المناسك فوجب الاقتداء به في السعي بينهما وقد روى طارق بن شهاب عن أبي موسى قال قدمت على رسول الله ص - وهو بالبطحاء فقال بم أهللت فقلت أهللت بإهلال النبي ص - فقال أحسنت طف بالبيت والصفا والمروة ثم أحل فأمره بالسعي بينهما وهذا أمر يقتضي الإيجاب وقد روي فيه حديث مضطرب السند والمتن جميعا مجهول الراوي وهو ما رواه معمر عن واصل مولى أبي عيينة عن موسى بن أبي عبيد عن صفية بنت شيبة عن امرأة سمعت النبي ص - بين الصفا والمروة يقول كتب عليكم السعي فاسعوا فذكرت في هذا الحديث أنها سمعته يقول ذلك بين الصفا والمروة ولم تذكر اسم الرواية وقد روى محمد بن عبدالرحمن بن محيصن عن عطاء بن أبي رباح قال حدثتني صفية بنت شيبة عن امرأة يقال لها حبيبة بنت أبي تجزءة قالت دخلت دار أبي حسين ومعي نسوة من قريش والنبي ص - يطوف بالبيت حتى أن ثوبه ليدور به وهو يقول لأصحابه اسعوا فإن الله تعالى قد كتب عليكم السعي