اليد اليسرى بعد اليمنى إلى الرجل في قطعها على هذ الوجه إبطال منفعة الجنس وهذه العلة موجودة بعد قطع الرجل اليسرى ومن جهة أخرى أنه لم تقطع رجله اليمنى بعد رجله اليسرى لما فيه من بطلان منفعة المشي رأسا كذلك لا تقطع اليد اليسرى بعد اليمنى لما فيه من بطلان البطش وهو منافع اليد كالمشي من منافع الرجل ودليل آخر وهو اتفاق الجميع على أن المحارب وإن عظم جرمه في أخذ المال لا يزاد على قطع اليد والرجل لئلا تبطل منفعة جنس الأطراف كذلك السارق وإن كثر الفعل منه بأن عظم جرمه فلا يوجب الزيادة على قطع اليد والرجل فإن قال قائل قوله D فاقطعوا أيديهما يقتضي قطع اليدين جميعا ولولا الاتفاق لما عدلنا عن اليد اليسرى في السرقة الثانية إلى الرجل اليسرى قيل له أما قولك إن الآية مقتضية لقطع اليد اليسرى فليس كذلك عندنا لأنها إنما اقتضت يدا واحدة لما ثبت من إضافتها إلى الإثنين بلفظ الجمع دون التثنية وإن ما كان هذا وصفه فإنه يقتضي يدا واحد منهما ثم قد اتفقوا أن اليد اليمنى مرادة فصار كقوله تعالى فاقطعوا أيمانهما فانتفى بذلك أن تكون اليسرى مرادة باللفظ فيسقط الاحتجاج بالآية في إيجاب قطع اليسرى وعلى أنه لو كان لفظ الآية محتملا لما وصفت لكان اتفاق الأمة على قطع الرجل بعد اليمنى دلالة على أن اليسرى غير مرادة إذ غير جائز ترك المنصوص والعدول عنه إلى غيره واحتج موجبو قطع الأطراف بما رواه عبدالله بن رافع قال أخبرني حماد بن بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رسول الله ص - أتي بسارق قد سرق فأمر به أن تقطع يده ثم أتي به مرة أخرى قد سرق فأمر به أن تقطع رجله حتى قطعت أطرافه كلها وحماد بن أبي حميد ممن يضعف وهو مختصر وأصله ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن عبدالله بن عبيد بن عقيل الهلالي حدثنا جدي عن مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبير عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبدالله قال جيء بسارق إلى النبي ص - فقال اقتلوه فقالوا يا رسول الله إنما سرق فقال اقطعوه قال فقطع ثم جيء به الثانية فقال اقتلوه فقالوا يا رسول الله إنما سرق قال اقطعوه قال فقطع ثم جيء الثالثة فقال اقتلوه فقالوا يا رسول الله إنما سرق قال اقطعوه ثم أتي به الرابعة فقال اقتلوه فقالوا يا رسول الله إنما سرق قال اقطعوه ثم أتي به الخامسة فقال اقتلوه قال جابر فانطلقنا به فقتلناه ورواه معشر عن مصعب بن ثابت بإسناد مثله وزاد